بلى.. جربناهم

المدينة نيوز - بعد فوز اوساط معروفة من الاسلام السياسي في انتخابات تونس والمغرب ومصر وبعد سيطرتهم على الحكم في ليبيا بدعم الناتو.. سمعنا اصواتا تقول: دعونا نجربهم بعد ان جربنا القوميين واليساريين, وزاود بعض الاسلاميين انفسهم على ذلك بتقديم خطاب غريب عجيب عن الدولة المدنية: فهل نحن امام اوساط غير مجربة من الاسلام السياسي, وهل ينسجم خطاب الدولة المدنية مع الجوهر الحقيقي لهذه الاوساط:
1- لقد جربنا بعض الاسلاميين في اكثر من مستوى رسمي ونصف رسمي.. الم نجربهم في السودان منذ عدة عقود, فماذا كانت النتيجة غير ضياع نصف السودان (اضعاف اضعاف الجولان وسيناء) وغير تهديد نصف النصف بالانفصال (دارفور) وذلك غير التصنيف الدولي للسودان في قوائم الفساد والتخلف..
ألم نجربهم في افغانستان بدعم امريكي تحت عنوان (الجهاد) ضد الشيوعية.. والى ماذا انتهت هذه التجربة مع دعمنا الكامل للمجاهدين الحاليين ضد الغزو الامريكي..
الم نجربهم منذ سنوات في الصومال وما ادراك ما الصومال..? هذا عن المستوى الرسمي الكامل. اما في المستوى (نصف الرسمي) الم يتشكلوا في قلب احزاب اليمين التركي واحزاب اليمين في المغرب ويصطفوا ضد عبدالناصر والقوميين واليساريين حيث كان الامريكان والنفطيون مصطفين..
2- واذا كنا لا نوافق على مطاردتهم في تلك الايام واعدام قائد بمستوى سيد قطب ونحترم حقهم في التعبير عن افكارهم الا اننا نتساءل, من الذي اعاد لهم الاعتبار بعد وفاة عبدالناصر وتراجع المد القومي واليساري.. اليس السادات في مصر والنميري في السودان وامثالهم في بلدان اخرى. وما هي دلالات كل ذلك. السادات والنميري الغنيان عن التعريف, الاول بتوقيعه على كامب ديفيد, والثاني بتهريبه يهود الفلاشا..
3- اذا كان بعضهم جادا في اقامة دولة مدنية, فما هو الداعي لاستمرار هذا البعض كجماعة اسلامية سياسية ولماذا لا يقومون بتشكيل احزاب مدنية تاركين الابعاد التربوية والوعظية والفقهية لجمعيات خيرية وتربوية مثل دور تحفيظ القرآن الكريم ومساعدة الفقراء والحث على مكارم الاخلاق والسنة الحميدة.. الخ.
4- اذا كان الهاجس الاساسي للرأسمالية العالمية وعواصمها وشركاتها ودولها هو الحرب على الاشتراكية والحفاظ على فلسفة السوق , مفتوحة او مقيدة (رأسمالية الدولة) فمن الواضح ان غالبية جماعات الاسلام السياسي, مرحب بها من قبل الرأسمالية خاصة اذا ترافق ذلك مع تأجيل الصراع العربي - الصهيوني باسم هدنة طويلة وصلح حديبية الى يوم الدين.
5- ولا بد من الاعتراف اخيرا, بان دور الاسلاميين في الجهاد ضد الغزاة الاستعماريين, دور كبير ومقدر, ويا حبذا لو ظلوا هكذا من ارباب الحرب والجهاد, حيث الدولة والسلطة السياسية مشروع مدني يحتاج الى قوى مدنية.(العرب اليوم )