الاقتصاد يقرر مصير الحكومات

- هناك أدوات عديـدة يمكن اللجوء إليها لقياس مسـتوى أداء الحكومات والنتائج التي تترتب على هذا الأداء ، ولكـن الإدارة الاقتصادية برزت الآن اعتبارها العامل الأول الذي يقرر نجاح حكومة أو فشلها ، بقاءهـا أو رحيلهـا.
في اليونـان مثلاً كان باباندريو يمثل الجيل الثالث في الحكم ، وزعامته ليست محل سؤال ، ولكنه طار بسبب فشـله الاقتصادي والمالي ، إذ بالغ في تقديم مكاسب شـعبية تفوق إمكانيات البلد ، فلم يدفع الثمـن وحده بل دفعه الشعب أيضاً الذي ظن أن حكومته تستطيع أن تعطيـه أكثر مما تأخذ منه.
وفي إيطاليا كان برلسـكوني يملك السلطة الأولـى الممثلـة في برلمان يتمتع فيه بالأغلبيـة ، ويملك السلطة الثانيـة وهي الحكومة التي يرأسـها ، كما يقود السـلطة الرابعة وهي الإمبراطورية الإعلامية التي يملكها ، ومع ذلك طار بسبب فشـله الاقتصادي والمالي ، إذ سمح بعجـز متزايد في الموازنـة والدين العام. الشعب الإيطالي تغاضى عن الفضائح الجنسية لرئيسه ولكنـه لم يسامحه على فشـله الاقتصادي.
الدور الآن على إسبانيا ، ومن المقرر أن تجـري فيها انتخابات برلمانية اليوم ، ومن المؤكـد إسقاط حكومة ثباتيرو الاشتراكية ، لأنه فشـل اقتصادياً ، فارتفعت البطالة إلى 5ر21% ، وتراكمت الديون على الخزينة ، فاستحق أن يقول له شعبه وداعاً.
ثباتيرو حقـق إنجازات هائلة في كل الميادين غير الاقتصادية ، فقد بـّر بموعده وسحب قواته من أفغانستان خلال الأسبوع الأول من استلامه الحكم ، وتغلب على العنف الاجتماعي والإرهاب ، وسهل إجراءات الإجهاض والطلاق في بلد كاثوليكي ، وحل مشـكلة الصراع مع منظمة إيتا الانفصالية ، ولكن هذا لم يشفع له ، وسـيغادر ليدفع ثمن الرخاوة الاقتصاديـة.
بقـدر ما صفق له قصار النظر وهو يقـدم مكاسب شـعبية غير مستحقه ، ويحاول حماية مسـتوى معيشـة يفـوق ما تسمح به مـوارد البلاد اعتماداً على المديونية ، فقد هتفت ضـده نفس الجماهير عندما جاء دفـع الثمن بشكل إجراءات تقشـفية قاسية وأزمة مالية خانقـةً وخضوع للشـروط المفروضـة مقابل الإنقاذ.
في الديمقراطيات المستقرة يؤدي الفشـل في إدارة الاقتصاد الوطني إلى سـقوط الحكومات ، أما في بلـدان العالم الثالث فإن الفشـل الاقتصادي يخلق الازمات. (الراي)