العـالـم يدعــم فلسطيــن
بعد انقطاع طويل لمسار التفاوض وتعثر لطريق السلام ، وبعدما غابت لغة العقل والحوار واستفحل اسلوب الغاب والتمترس ،هذا الاسلوب الذي هدد العملية السلمية برمتها وقوض مرحلة كان ينتظر فيها المراقبون لبلورة حل سلمي نهائي يفضي الى انهاء حالة المخاض والتي ما زالت المنطقة تعيشها جراء الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين كما شعوبها تدفع الثمن لتوقف مسارات التنمية المختلفه في معظم الاتجاهات مع استمرار هذا الاحتلال وحالة المخاض ...
ولعل العام المنصرم الذي شهد مفاوضات حثيثة ترشح عنها احراز تقدم على كافة محاور اللجان المنبثقة بغية ايجاد صيغة الاتفاق النهائي بما يترتب من اعداد الصيغ التوافقية والتي تكفل العدالة والاستمرارية السلمية وتأذن بولادة دولة فلسطينية وتنهي مرحلة الصراع والمراوحة ،فان هذه المرحلة على اهميتها قد اصطدمت بعراقيل من انتاج صانع القرار الاسرائيلي عندما ادخل العملية السلمية في مغامرة عقيمة وارتكب ما إرتكب من جرائم بحق الانسان الفلسطيني ومقدراته في غزة ،ثم عاد فأدخل العملية السلمية في اتون حالة الشد والمزاودة التي فرضتها اجواء الانتخابات الاسرائيلية المحمومة ،لترتهن المفاوضات بل والتيارات المناصره لها لمزاج الناخب الاسرائيلي الذي انحرف باتجاه اليمين والتطرف على حساب تقدم مسار العملية السلمية ...
لقد انعكست اجواء التوتر والتصعيد على المناخ السياسي الذي غلف مجريات الاحداث في المنطقة ، واخذت حالة الترقب المشدودة هي الصورة التي تقود تعاملات قواها ، في ظل محاولة البعض تبديل مواقع التأثير السياسي في اطار رقعة المنطقة، ومحاولة قوى اخرى فرض واقع جديد لمعادلة التأثير السياسي للمنطقة في مراهنة ظن خلالها ان تداول السلطة الذي حدث في امريكا سيتبعه تغيير جذري في سياساتها تجاه المنطقة كما ستقود هذه الفرضية الى تبدل في طريقة تعاملها مع عناوينها ...
وفي وسط كل ذلك ، بدأت بعض الاوساط تتداول نظريات وفرضيات جديدة للحلول النهائية للاحتلال الاسرائيلي ضمن تصورات انحرفت في نتائجها عن حل الدولتين ، مع دخول نتنياهو واليمين الاسرائيلي كطرف في معادلة التسوية لما يحمله ذلك من مفاهيم قد تعيد خلط الاوراق كما نتائج معادلة التسوية والتفاوض من جديد ، اذ ان هذه النتائج اذا ما فرضت سيكون لها الكثير من الابعاد السياسية لما تحمله من تبعات تجاه مستقبل الخارطة السياسية للمنطقة ، الامر الذي ادى بالعديد من السياسيين لاعادة حساباتهم ، وكما انعكس ذلك على طبيعة الحراك السياسي في داخل مركبات المنطقة بتياراتها وطريقة اصطفافاتها ...
لقد خلفت حالة التوقف للعملية التفاوضية جيوب سياسيه عقيمة واثار انسانيه عميقة ، وزاد الامر تعقيد بوصول اليمين المتطرف الى سدة الحكم في اسرائيل والتي صرح قادتها بتصريحات متخبطه وغير متزنة ، حيث تحدث البعض فيها عن تطلعاته بالحل السلمي الاقتصادي بما ذهب الاخر للحديث حول فرضيات الحل ثلاثي الابعاد اثنى الطابع اقصائي المضمون ، وعلى الرغم من ذلك فلا يعتقد ان يكون نتنياهو قادراً اذا ما وصل الى سدة الحكم ومعه ليبرمان وفريدمان سوى للدخول في المسار السلمي كونه الخيار الوحيد المطروح امامهم ، فالمجتمع الدولي لن يسمح لهؤلاء العبث بمستقرات المنطقة واجواء السلام ، كما ان شرعية الدخول للعمل السياسي باتت ليست عملاً ذاتياً محضاً وانما بحاجة الى قبول دولي ايضاً ، وهو ما يجب على الحكومة الاسرائيلية القادمه اية كانت مركباتها من التأكيد على الالتزام التام بالعملية السلمية وثابت اقامة الدولة الفلسطينية ، وهو ما عاد وبينه نتنياهو بعد لقائه المبعوث الامريكي للمنطقة جورج متشل عندما قال « سأحترم تعهدات الحكومات السابقة » بينما كتب ليبرمان مقالة لمجلة جويش وويك انه « يؤكد دولة فلسطينية قابلة للعيش » ، لكن هذه التصريحات بحاجة ان تقرن بالافعال حتى تكون ذات فائدة ولها نتائجها على حيز الواقع ...
وفي هذا الاثناء بدأ المجتمع الدولي بتحرك واسع لدفع عجلة السلام ، حينما اجتمع « بشرم الشيخ » حول قمة كان عنوانها إعمار غزة حيث قدم 5 مليارات لدعم الاقتصاد الفلسطيني وللمساهمه في إعادة الاعمار كما كان مضمونها يحمل رسالة دعم للعملية التفاوضية وتأكيد على منهجية مواصلة النهج السلمي وفق المبادئ التي حملها مؤتمر انابولس والقرارات الاممية والتي جاءت لتأكيد مقررات هذا المؤتمر القاضي باقامة الدولة الفلسطينية ، وبحضور اكثر من 75 وفد عربي ودولي قدم المشاركون فيه الدعم لاعمار غزة ، كما ايد المجتمعون عبره احقية الشعب الفلسطيني في التحرر والاستقلال واقامة الدولة ، وهي انطلاقة جديدة للعملية السلمية ينتظر ان تحمل نتائج ولا تقف عند الوصول للتفاوض كهدف ، حتى لا تبقى القضية تدور في حلقات مغلقة ، فلقد ان الاوان للحلول والنتائج ، كما بين ذلك رئيس مجلس النواب عبد الهادي المجالي والذي اعاد ما تحدث به امام البرلمان الاورومتوسطي عندما التقيته مؤخراً عند صديقي فطين بداد وبحضور الرئيس الاسبق طاهر المصري الذي بدوره اكد على اهمية المبادرة العربية للسلام سيما وان النظام العربي وبدعم من الدول الاسلاميه قد قدم مبادرة للسلام ما زالت برسم الاجابة ، فإما ان تقبل واما ان يقوم الطرف الاخر باعلان موقفه الواضح حيالها ...
اذن الحكومه الاسرائيلية مطالبه بتحديد موقفها واعلان برنامجها حيال العملية التفاوضية والاتفاقات الموقعه والمبادرة العربية للسلام ، فإما ان يدرك صانع القرار الاسرائيلي مقدار الجدية التي اكدها العالم في شرم الشيخ والا فإن المجتمع الدولي يبدوا سيكون له رد أخر ! ...