هل يكرر أوباما أخطاء بوش؟

تم نشره الإثنين 09 آذار / مارس 2009 01:54 مساءً
جاكسون ديل

أمضت واشنطن الأسابيع القليلة الماضية في النقاش حول ما إن كانت أجندة باراك أوباما الطموحة واستراتيجيته السياسية أشبه بأجندة واستراتيجية روزفلت أو ريجان. غير أن لا أحد تقريباً تحدث عن نواحي الشبه التي بدأت تظهر بين أوباما والرجل الذي غادر البيت الأبيض قبل أيام.

معظم الأميركيين يتطلعون اليوم إلى نسيان بوش؛ والحال أنه قبل نحو سبع سنوات فقط وجد بوش نفسه في الموقف ذاته الذي يجد فيه الرئيس الجديد نفسه اليوم: قيادة البلاد خلال ظروف عصيبة. فخلال الأسابيع التي تلت الحادي عشر من سبتمبر 2001، فاقت معدلات التأييد الشعبي التي كان يحظى بها بوش 80 في المئة في الداخل، وتمكن من الحصول على دعم لندن وبرلين وحتى موسكو. بل إن مقالا تحليلياً نُشر على صدر الصفحة الأولى لصحيفة \"واشنطن بوست\" أواخر نوفمبر من ذلك العام جاء فيه أن \"الرئيس بوش بات يسيطر سيطرة تضارع سيطرة فرانكلين روزفلت\".

الأميركيون يتمنون نسيان بوش؛ والحال أنه قبل سبع سنوات وجد نفسه في موقف يشبه موقف أوباما حالياً: ظروف عصيبة، وتأييد يصل الى 80%!

لكن بعد ذلك، ضيع بوش فرصة القيادة، والسبب ثلاثة أخطاء رئيسية؛ فهو لم يطلب من البلاد التضحية، وإنما دعا المستهلكين بدلا من ذلك إلى التسوق وخفض الضرائب. وبدلا من صياغة حل يحظى بموافقة ودعم الحزبين الرئيسيين للرد على الأزمة، استغلها لفرض أجزاء كبيرة ومثيرة للانقسام من الأجندة الإيديولوجية للحزب الجمهوري: من تأكيد الصلاحيات الرئاسية، إلى خرق الاتفاقيات، إلى إلغاء الحماية التي يستفيد منها العمال الفدراليون. والأدهى من ذلك كله قراره شن حرب اختيارية في العراق، قاضياً بذلك على ما تبقى من وحدة وطنية في مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر ومحولا الانتباه والموارد عن محاربة \"القاعدة\" في أفغانستان.

وهو ما يقودنا إلى الأسابيع الأولى لإدارة أوباما التي جرى تنصيبها على خلفية أزمة اقتصادية عالمية مخيفة وما فتئت تزداد استفحالا. فالشهر الماضي وفي أول خطاب له أمام الكونجرس، حذر أوباما البلاد من أن إصلاح المشاكل الكبيرة في الأسواق المالية وقطاعي السكن وصناعة السيارات، يتطلب جهداً تاريخياً: \"لا شيء من هذا سيأتي بدون تكلفة، مثلما أنه لن يكون سهلا... ولكن هذه أميركا، فنحن لا نقوم بما هو سهل، بل نقوم بما هو ضروري من أجل دفع البلد إلى الأمام\". وبعد بضع دقائق كشف أوباما عما يقصده بهذا الكلام لـ98 في المئة من الأميركيين حين قال: \"إنكم لن تروا زيادة في ضرائبكم، ولو بفلس واحد. أعيد: ولو بفلس واحد. بل إن مخطط إنعاش الاقتصاد ينص على خفض الضرائب\". وعليه، يمكن القول إن أوباما ليس أكثر استعداداً من بوش لأن يطلب من الأميركيين العاديين التعاون والتكاتف والمساعدة.

في أكتوبر 2001، مررت إدارة بوش \"قانون الوطني\" بعد أن ألمحت إلى أن معارضيه لا يريدون وقف هجوم آخر لـ\"القاعدة\". وبدوره، ألمح أوباما، خلال أول مؤتمر صحافي له، إلى أن معارضي حزمة تحفيز الاقتصاد في الكونجرس \"يعتقدون أنه لا ينبغي القيام بأي شيء\" بخصوص هذه الحالة الاقتصادية الطارئة. وعلاوة على ذلك، قام فريقه الأسبوع الماضي بإطلاق حملة منسقة وشنيعة يقدمون فيها راش ليمبو (معلق سياسي محافظ) على أنه زعيم الحزب الجمهوري. أما \"الجمهوريون\" الذين أخذوا الأزمة على محمل الجد وقدموا حلولهم، بل ودعموا الرئيس في بعض المواقف –أذكر منهم السيناتور جون ماكين– فقد تم تجاهلهم.

وعليه، يمكن القول إن أوباما لم يبتعد كثيراً عن طرق وأساليب كارل روف من أجل التغلب على المعارضة. ولكنكم قد تقولون إنه على الأقل ليس بصدد التخطيط لشيء خطير أو مثير للانقسام مثل حرب العراق؟ حسناً، هنا يأتي دور مخطط الرعاية الصحية أو \"الالتزام التاريخي\"، مثلما يصفه أوباما، والذي تناهز قيمته 634 مليار دولار (في البداية) ويقبع (مثل خلع صدام) في خلفية الأجندة الوطنية منذ سنوات. فنحن نعرف من تجربة إدارة كلينتون أن أي محاولة لخلق نظام رعاية صحية وطني سيفجر جدلا وطنياً محتدماً داخل الكونجرس وخارجه. ومع ذلك، اختار أوباما أن يزيد الوضع الصعب أصلا صعوبة حين أشار إلى أنه لن يكون ثمة مصدر آخر لتمويل هذا الإصلاح غير زيادة الضرائب على الأميركيين الأغنياء، وهو ما يدفع \"الجمهوريين\" لوصف مخططاته بـ\"الاشتراكية\".

تماما مثلما روج بوش لخفض الضرائب باعتباره حلا لمشكلة الفائض، ولاحقاً كأمر لا بد منه في فترة العجز، دفع أوباما بحجج حول كيف أن إصلاح نظام الرعاية الصحية، الذي دعمه قبل الانهيار الاقتصادي، ضروري من أجل الانتعاش الاقتصادي. غير أنه في وقت يعقد فيه \"مؤتمر الرعاية الصحية\" في البيت الأبيض يوم الخميس، فلا بأس من التذكير بأن سوق المال وصل مرة أخرى إلى أدنى مستوى له منذ 12 عاماً، وشركة \"جنرال موتورز\" مازالت تترنح على حافة الإفلاس، والبلاد مازالت تنتظر لسماع تفاصيل مقترح وزارة الخزانة بخصوص إنقاذ البنوك.

* كاتب ومحلل سياسي أميركي

الاتحاد الاماراتية



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات