هيكل .. وقمقم الارشيف وارتداد السحر على الساحر!

تم نشره الثلاثاء 24 آذار / مارس 2009 06:54 مساءً
سلطان الحطّاب

استخدم هيكل الارشيف واعتبره الذاكرة التي تدرب عليها لفرض اجنداته ووجهة نظره ولكنه غفل او استخف بأن سلاح الارشيف ذو حدين وانه يقتل صاحبه ان لم يقدر الحقائق ويلتزم الامانة وانه كمن يرجم الناس بالحجارة وبيته من زجاج .

ولذا فان مالم يقله هيكل من حقائق عن الفترة الناصرية هو اخطر بكثير مما قاله من اجل تسويغ الفترة وتوزيع دم الهزيمة على كل العرب وتخفيفها عمن يتحملونها مباشرة .

واذا كانت رموز تلك الفترة من عسكريين وسياسيين وحتى مفكرين ومثقفين قد احدثوا بمواقفهم هزيمة عام 1967 فان هيكل نفسه احد اولئك الرموز التي مازالت حيّة والتي لم تمارس النقد الذاتي لدورها او لدور لرفاقها في تلك الهزيمة التي لم نسمع عن اسبابها ودوافعها وحيثياتها الدقيقة وحتى الارشيفية منها.

فهو لم يقل لنا ما هي الحوارات التي دارت بينه وبين زملاء عبد الناصر وقادته العسكريين عشية الحرب عام 1967 واثناءها وبعدها وكيف كان تقييمهم.

يروي هيكل انه قال لعبد الناصر معترضاً على تعيين انور السادات نائباً للرئيس ''لماذا تعينه وانت تعرف من هو انور ما هذا الفعل الضار'' فيرد عليه عبد الناصر الكلام هنا لهيكل .

اني مسافر لاسبوع وعندما اعود سأغيره .

ولما رجع عبد الناصر نسي ان يغيره .

لاحظوا هذا المستوى من الكلام .

هل هذا يعكس عبد الناصر القائد الذي يختبىء هيكل وراءه ليعظّم نفسه ام يعكس ان عبد الناصر غير مهتم بمستقبل مصر وغير مسؤول عن قرارات بهذا الحجم ؟.

ثم ادعاؤه انه التقى الملك الحسين في الفندق فذلك لم يحصل لان الملك ومنذ الستينيات والسبعينيات وبعد ذلك لا ينزل حين يزور لندن في فنادق وانما في منزله وهيكل لا يهتم بنقاده او مثبتي اخطائه كما يبدو في الظاهر مستنداً الى قاعدة عريضة من جمهور يصدقه باعتباره صديق عبد الناصر .

وهذه النزعة عنده من الجرأة على التاريخ وتزوير وقائعه بالانتقائية القاسية وسياسة الحجب او التضخيم تشكل خطرا على الاجيال القادمة والباحثة عن الحقيقة إذ انها ربما تقع في تضليل قصصه وتعتمدها كاحداث حقيقية وترجع اليها في تكوين السياق التاريخي كما كشفت الدكتورة ماضي طالبة الدكتور سيّار الجميل وفي ذلك كارثة.

ولعل الشخصية الاكثر مصداقية ووعيا علميا ودراية بالتاريخ المصري المعاصر ومعايشته كمواطن مصري هي شخصية الفيلسوف فؤاد زكريا الذي فضح هيكل ووضع ثوبه على رأسه وعرّى منهجه ورواياته في رده على كتاب هيكل خريف الغضب بكتاب ''كم عمر الغضب'' هيكل وازمة العقل العربي وفيه يكشف عن الدور التدميري الذي لعبه هيكل في الدفاع الذي يحمل معايير مزدوجة أو الهجوم الذي يحمل نفس المعايير فهو لا ينتقد من سببوا الهزيمة ويحرّم مهاجمة موتاهم في حين ينكل بالسادات حتى وهو ميت وهو يعلم ان السياق التاريخي للنظام الذي جاء بالسادات هو نفسه.

بالأرشيف دافع هيكل عن اصدقائه وبنفس الارشيف سلاحه الجبار هاجم خصومه ويرى فؤاد زكريا انه لم تكن البراعة الصحفية وحدها ولا الذكاء الشخصي وحده هما اللذان اتاحا له هذه الفرص بل انعدام الديموقراطية وجو التكتم والقرار الفردي المفاجئ جعل من الضروري ان يضيق نطاق المطلعين على الاسرار الى ابعد حدّ وهكذا اطلع هيكل على ما لم يكن متاحا للآخرين.

لقد استعمل هيكل سلاح الارشيف كسلاح ابتزاز.

يعطي منه اولا لمن يشاء ثم يأخذ مقابل ذلك بلا حدود وهكذا كان الارشيف بوثائقه المزورة وسيلة ابتزاز ومكوّناً ظالما لتاريخ يعتقده هيكل ولا يشتريه الواقع .

يقول احد كتاب مصر (ان تاريخ هيكل صفحة سوداء في تاريخ مصر لقد اتهمه الرئيس محمد نجيب بالخيانة لحساب دولة اجنبية وكتب ذلك في كتابه كلمتي للتاريخ كما اتهمه ما يلزكوبلاند في كتابه(''بغير عباءة أو خنجر)'' بأنه كان عميلا مخلصا).

كما اتهمه خرتشوف (الرئيس السوفييتي) بنفس التهمة وذكر له قيمة المبالغ والشيكات التي تسلمها من وكالة المخابرات المركزية وكان ذلك عندما سافر عبد الناصر الى روسيا واصطحبه معه فلما واجهه خرتشوف بهذه الفضيحة المرة اضطر ان يسافر في اليوم الثاني عائدا الى مصر ( انظر كتاب ''اني اتهم'' ل محمد علي ابو طالب الاخبار (30/4/1983 ) لقد مارس هيكل التضليل الاعلامي الذي بلغ اوجه حين وجد قناة واسعة الانتشار تروجه بشكل منقطع النظير.

ولذا فان صاحبنا يستبيح لنفسه ان يلوي الحقائق كما يشاء ما دام يؤمن ان عقول الناس قد الغيت منذ زمن بعيد.

المهزلة ان هيكل الذي يلتفت الآن حواليه ببراءة ويتساءل وهو يرمي نظارته اهذا معقول؟ كان نفسه من اهم من استخدموا الحجج المتهافتة وقال الناس في وجهه ''أهذا معقول''؟.

وحين كان توفيق الحكيم في كتابه ''عودة الوعي'' ينقذ دكتاتورية الفترة الناصرية ومنها هيكل كان هيكل يقول عن عمل الحكيم وغيره انه ''عربدة فئران'' في غياب القطط ولم يدر انه بعد اعوام قلائل من رأيه سيجد من يشبهه بنفس التشبيه بعد ان مارس شجاعته على حاكم متوفى في (خريف الغضب) ضد السادات وهو من يهتف اليوم باستنكار ان لا ننبش قبور الجميع في مهاجمة الاموات اعتبر هيكل ذلك جبنا عندما تعلق الامر بغيره اعتبره هيكل شجاعة ومارسه ليصفي حسابه على من اعترضوا دوره بالأرشيف .

انه صاحب منطق القطط والفئران .

انه الذي اطلق الارشيف من القمقم فليتلق إذن نتاج ما صنع!!.

صحيفة الرأي



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات