قلم رصاص

تم نشره الأربعاء 25 آذار / مارس 2009 10:42 صباحاً
ماهر ابو طير

احدث الاستاذ الاعلامي الكبير حمدي قنديل ، صاحب برنامج "قلم رصاص" فأجده في لندن ، بعد ان غادر دبي بعد توقف برنامجه الشهير ، الذي تفرد به في الاعلام العربي، واعرف منه ، ان برنامجه سيعود اعتبارا من يوم غد الخميس ، على قناة "الليبية" في الثامنة مساء.

 

لا يمكن خنق الاعلامي ، ولا كسر قلمه ، واذا كان قنديل بلهجته المصرية المحببة الى قلوبنا ، قد قال عبر برنامجه ما لا يقوله ملايين العرب ، الا في غرف نومهم ، فقد دفع ثمن هذه المصارحات والجرأة ، وكان اخرها ، قوله الأمة تحولت الى "امة مهند" بوحي من كثيرين ، اشارة الى تعلق العرب ببطل المسلسل التركي، بدلا من الابطال التقليديين ، الذين عرفناهم ، وقلم حمدي قنديل ، وان كان من رصاص ، الا انه لامبراة له ، سوى مبراة صاحب القلم ، هذا ان كان قلمه يقبل البري اساسا.

 

قلة هي القناديل في الاعلام العربي ، التي تضيء للناس ، حياتهم ، وبقية الاعلام العربي ، مشغول في محو ذاكرة الناس بـ"الاستيكة" كما يقول اخواننا المصريون ، وباشغالهم في توافه الامور ، والرقص والفرفشة والمسابقات ، او ببرامج دينية محنطة ، تحدثك عن فضيلة الدخول الى المنزل بالقدم اليمنى ، بدلا من القضايا الكبرى ، التي انهكت وجودنا من الاحتلالات ، الى الجهل وقلة التعليم ، والفقر والاستبداد ، وما بينهما من الاف العناوين الفرعية ، التي يراد لها ، ان تمحى ، وان نستبدلها بتطلعات تزيدنا ،تخلفا، فوق الذي فيه غالبية شعوب المنطقة ، من جوع وقهر وعبثية.

 

مسبقا ، لن ينخفض سقف البرنامج ، لسببين ، اولهما ان الاستاذ حمدي قنديل ما زال كما هو ، ولن يتذاكى علينا ، ببرنامج مخفف ، على طريقة تخفيف السكر في كاس الشاي، وثانيهما ، ان ارث البرنامج حاضر بكل قوة ، في ذاكرة الناس ، الذين يرون فيه ، تعبيرا عن وجدانهم القومي ، وعن الترابطات الذكية في الطروحات والعناوين والتقاط المفارقات في الصحف ، وعكسها على واقع العرب ، في غير دولة ومكان ، وتوقيت ، ولا بد ان "الخلطة السرية" للبرنامج هي سر نجاحه ، بالاضافة الى كاريزما الاستاذ قنديل وقدرته على التسلل الى روحك ، وكأنه يحدثك شخصيا ، في بيتك ، وبين اولادك.

 

تتناسل القنوات العربية ، مثل الفطر الشيطاني ، ودورها مكشوف وواضح ، يتخلص بسرقة الضمير الفردي والجمعي للعرب ، واعادة انتاجه بشكل يكون مطابقا للمواصفات الامريكية المطلوبة في العالم الجديد ، ولو عرف كل واحد فينا حجم الاموال الهائلة التي يتم انفاقها على هكذا فضائيات ، وحجم مداخيلها المالية القليلة ، لعرف ان العملية من اولها الى اخرها ، عملية ممولة ومدفوعة الثمن لغسيل دماغ العرب ، وتفريغه من اي شحنة وطنية ، وعلى هذا الاساس ، تأتي اهمية الاقلام المؤثرة والبرامج ذات الاثر العالي ، سياسيا واجتماعيا،بحيث تبدو منارات، وسط هذه الحرب المعلنة علينا في بيوتنا ، دون ان يقاومها كثيرون.

 

نبارك ، لحمدي قنديل عودته ، ونرى في قناة "الليبية" التي استفردت بعودته عبرها ، ضربة مهنية ، تستحق الحسد عليها ، وننتظر جرعات حمدي قنديل المضادة لكل هذه السموم ، التي يجري حقن وريد الناس بها ، صباح مساء.

 

فرق كبير بين قلم من رصاص ، وقلم يطلق الرصاص.. أليس كذلك؟

 

الدستور

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات