انهيار الثقة الشعبية بصورة المياه النقية
تضارب التصريحات وعقدة اسرائيل تعيدنا الى الوراء عشر سنوات
يشعر مسؤولون وخبراء في قطاع المياه بالاسى على ضياع سنوات من العمل والجهد لاستعادة ثقة الاردنيين بالمياه وسلامتها.
بعد تلوث محطة زي عام 1998 جراء تدفق مياه المجاري من اسرائيل وتسجيل عدد من الاصابات في اوساط سكان عمان انهارت الثقة الشعبية بمياه »البلدية« كما يسميها المواطنون.
ومنذ ذلك الوقت زاد اعتماد الناس على محلات بيع المياه المكررة لتوفير المياه الصالحة للشرب.
شيئاً فشيئاً تمكن المسؤولون عن قطاع المياه من تبديد الشكوك حول سلامة المواصفة الاردنية, ورغم تسجيل حالات عديدة من التلوث في مواقع مختلفة من البلاد, فان خطة وزارة المياه حققت بعض النجاح لجهة استعادة الثقة.
التلوث الاخير لمياه نهر اليرموك وقناة الملك عبدالله لم يؤثر على محطة زي التي تزود عمان بالحصة الاكبر, فقد مكنت الاجراءات المتخذة من منع وصول المياه الملوثة الى المحطة.
بيد ان الطريقة التي ادارت فيها وزارة المياه الازمة الاخيرة قد القت بظلال قاتمة على مزاج الرأي العام الاردني.
في العادة, لا يثق المواطنون كثيراً بتصريحات المسؤولين فما بالك اذا كانت متضاربة كما حصل في قضية تلوث نهر اليرموك. فرغم عدم توفر اي دليل على وصول المياه الملوثة الى محطة زي ساد شعور في اوساط المواطنين بانها غير صالحة للشرب. ففي مثل هذه القضايا الحساسة يتقدم الانطباع على الحقيقة الى درجة يصعب معها تغيير الصورة السلبية, خاصة وان القضية برمتها ترتبط بدور اسرائيلي مباشر.
ما حصل اننا عدنا الى المربع الذي كنا فيه عام 1998 وتبددت كل الجهود لاستعادة الصورة النقية للمياه الاردنية. وبدا واضحاً للمسؤولين انه رغم توقف الضخ من مصدرين الى عمان الا انه لم تسجل احتجاجات من قبل المواطنين على شح المياه في الخزانات المنزلية في مؤشر واضح على عزوف الناس عن استخدام "مياه البلدية"
منذ يومين طرحنا على موقع »العرب اليوم« الالكتروني سؤالاً عن مدى ثقة الناس بتصريحات عن سلامة المياه في الاردن. الاستطلاع ليس علمياً لكن اجابات المشاركين تعد مؤشراً اولياً عن توجهات الرأي العام.
النتائج - وهي متاحة على الموقع - صادمة ومؤلمة للغاية, فقد افاد اكثر من 95% من المشاركين بانهم لا يثقون بالتصريحات. اجوبة المشاركين تأثرت بلا شك بمناخ ازمة التلوث التي ظهرت منذ اسبوعين وما زالت فصولها مستمرة.
سوء ادارة الازمة يعد السبب الاول لانهيار المصداقية بالمواقف الرسمية, اما السبب الثاني فهو عدم مراعاة المسؤولين للبعد الاسرائيلي في القضية اذ شعر الكثيرون ان المعنيين بالامر لا يجرؤون على مواجهة اسرائيل وانتقادها علناً على فعلتها النكراء، ولو ان مسؤولاً واحداً خرج للرأي العام وادان بعبارات شديدة السلوك الاسرائيلي منذ بداية الازمة لكسب ثقة الناس مبكراً وتمكن من اقناعهم لاحقاً بنجاعة الاجراءات المتخذة لاحتواء التلوث ، لكنها عقدة اسرائيل التي نضعف امامها دائماً.
العرب اليوم