قمة الدوحة يجب ان تنتقل الى الخرطوم تضامنا مع الشعب السوداني

تم نشره السبت 28 آذار / مارس 2009 02:46 مساءً
المهندس حاتم ابو شعبان

بعد مرور ثلاث سنوات على طلب مجلس الأمن التحقيق في أحداث العنف في دارفور ، وجه المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية «لويس مورينو أوكامبو» في الرابع من تموز/2008 مذكرة يطلب فيها من المحكمة إصدار مذكرة اتهام ضد الرئيس السوداني عمر البشير ، يطلب فيها اعتقاله للمثول أمامها ، حيث وجه إليه اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية في دارفور ، تشمل أعمال قتل جماعي أدت إلى مقتل 35 ألف شخص بشكل مباشر في هجمات شنتها القوات المسلحة السودانية بأوامر من الرئيس السوداني عمر البشير ، وقيادات القوات المسلحة السودانية ، ومليشيات الجنجويد التي تدعمها حكومة الخرطوم ، وتعريض حوالي مليونين ونصف آخرين لحملات اغتصاب ، وتجويع وترهيب ، وكل ذلك تم تحت ذريعة مكافحة التمرد ، هذا بالإضافة إلى اتهامات أخرى للرئيس البشير والوزير أحمد هارون وزير الشؤون الإنسانية وردت في المذكرة .

كل هذه الاتهامات وردت في مذكرة المدعي العام للمحكمة الجنائيه الدوليه ، هذه المحكمة التي انشئت من قبل الامم المتحدة باتفاقيه ملزمه لكل دوله موقعه عليها ، وغير ملزمه لاي دوله غير موقعه عليها ، وكأنها تفسح المجال لقادة الدول المرتكبه لجرائم حرب ومدعومه من الاداره الامريكيه بعدم التوقيع على هذه الاتفاقيه لتجنب تعرضها للمساءله وتوجيه مذكرات اتهامات وطلب اعتقال لاي من مسئوليها المرتكبين لجرائم حرب وجرائم ابادة جماعيه ، بينما الدول الموقعه على الاتفاقيه فيتم التعامل مع كل دوله حسب المزاج الامريكي تجاهها ، فقد توجه الى قادتها اتهامات ومذكرات اعتقال وغيره على جرائم بسيطه نسبيا ، بينما يغض النظر عن دوله اخرى ارتكبت جرائم كبيره جدا وفظيعه ولا يوجه لاي من قادتها اي اتهامات وتبقى تحت الغطاء الامريكي وحماية الاداره الامريكيه 0 والامر غير المستهجن ان الولايات المتحدة الامريكيه نفسها التي تحاسب وتامر وتنهي غير موقعه على اتفاقيه المحكمه الحنائيه الدوليه ، وكذلك الامر اسرائيل غير موقعه عليها ، وبالتالي فان الاتفاقيه لا تنطبق على اكبر دولتين في العالم ارتكبتا جرائم حرب وابادة جماعيه ومجازر ضد الشعوب في العالم 0

ومذكرة المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس البشير للمثول أمامها استجابة لطلب المدعي العام بها ، يعني إما أن يقوم الرئيس البشير بتسليم نفسه للمحكمة ، أو يتم اعتقاله بأي طريقة بواسطة جهات موالية لها . وهنا فاننا لسنا في مجال التطرق لصحة هذه الاتهامات من عدمها ولا للدفاع عن الرئيس عمر البشير وإنكار هذه الاتهامات بحقه ، ولا احد ينكر ان هناك جرائم ارتكبت في دارفور بغض النظر عن مسئولية الرئيس البشير عنها ام لا، لأننا لو تطرقنا إلى ذلك ، فإن المكان المناسب لتفنيد هذه الاتهامات او تاكيدها والدفاع عن الرئيس البشير هو في قاعة المحكمة الجنائية الدولية فيما لو كانت هذه المحكمه عادله وتطبق احكامها على الجميع بدون استثناء ، وهذا يعني أن عليه في تلك الحالة وهو غير قائم عمليا أن يستجيب لمذكرة الاعتقال وتسليم نفسه لها في لاهاي . وهذا ما لا ينطبق على هذه المحكمه التي تتعاطى مع القضايا سياسيا وليس قضائيا 0

لكن ما سنتطرق له هنا هو الكيل بعدة مكاييل ، والميزان الذي يكيل هذه المكاييل ويوجه المحكمة الجنائية الدولية لإصدار اتهاماتها ومذكرات اعتقالها وأحكامها ، هي أكبر دولة في العالم تقوم بأكثر من جرائم الحرب والإبادة الجماعية والقتل الجماعي بمئات الآلاف وهي الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تخضع لقرارات المحكمة المذكورة أعلاه لأنها ليست من ضمن الدول الموقعة على الاتفاقية طبقًا لشروطها ، حيث لا يحق للمحكمة أن تصدر قرارات ضد أي دولة أو مسئول بها غير موقعة على الاتفاقية كما ذكرنا سابقا .

وبالطبع فإن إسرائيل من الدول غير الموقعة عليها أيضًا وترفض أي اتهامات ضد أي من قادتها الذين ارتكبوا جرائم لا تعد ولا تحصى وقتلوا الآلاف من أبناء الأمة العربية .

سبحان الله ...!!! الدول التي تاريخها حافل بالجرائم الكبرى ومدانة إدانة كاملة ترفض التوقيع على هذه الاتفاقية ، كي تنجو من توجيه الاتهامات لها ، بينما الدول الأخرى وخصوصًا الدول الصغرى ودول العالم الثالث تقوم بالتوقيع عليها مجبرة وتلتزم بها ، ولا أعرف سببا يجبر هذه الدول للتوقيع على الاتفاقية ، طالما أنها غير ملزمة للدول غير الموقعة عليها وهي الأكثر من يرتكب الجرائم في العالم .

في حقيقة الأمر أن هذه الدول توقع على هذه الاتفاقية بقوة الإجبار من الإدارة الأمريكية التي تهيمن على العالم ، وتهدد كل من يخالف سياستها بوقف المساعدات التي تقدمها، وقادتها مهددون بتوجيه الاتهامات لهم بارتكاب الجرائم والإبادة الجماعية وغير ذلك .

كذلك تقوم الإدارة الأمريكية وبالتحالف مع دول حلف الناتو وغيرها بشن الحرب التدميرية على هذه الدول كما حدث في أفغانستان والعراق بأوامر مباشرة من الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش والتي ما زالت هذه الحرب مستمرة حتى الآن وقتل مئات الآلاف من أبناء الدولتين الذين قتلوا جراء الجرائم وحرب الابادة التي ارتكبها الجيش الامريكي هناك باوامر مباشره من الاداره الامريكيه .

ألا يعتبر الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش أكبر مجرمي حرب الإبادة في العالم في أفغانستان بحجة أحداث الحادي عشر من ايلول ، وفي العراق بحجة امتلاك أسلحة الدمار الشامل ، والأمر المستفز والمهين والمستهتر بكافة شعوب العالم أن الرئيس الأمريكي وقبل تركه البيت الأبيض اعترف بصراحة تامة أن المعلومات الاستخباريه التي كانت لديه عن أسلحة الدمار الشامل في العراق كانت خاطئة .

ألا يستحق هذا فقط اعتقاله فورًا وتقديمه للمحاكمة ليس فقط في المحكمة الجنائية الدولية ، بل لدى القضاء الأمريكي نفسه كونه ورط بلاده بارتكاب الجرائم وحرب الإبادة والمجازر وقتل مئات الآلاف من أبناء الشعب العراقي ، إضافة إلى تدمير العراق تدميرًا كاملاً ، ألا يستحق الحكم عليه بالإعدام طبقًا للقانون الجنائي الدولي ، ويتم تنفيذ هذا الحكم أمام تمثال الحرية في نيويورك ، وبحضور ممثلي دول العالم في الأمم المتحدة التي يقع مقرها في نيويورك .

أما إسرائيل وقادتها فحدث ولا حرج ، ألا يستحق جميع قياداتها السياسيين والعسكريين توجيه مذكرات اعتقال لهم وتقديمهم للمحاكمة بتهم ارتكاب أفظع الجرائم ضد الإنسانية وحرب الإبادة والمجازر وقتل مئات الآلاف من أبناء الأمة العربية وخصوصًا أبناء شعوب فلسطين ومصر ولبنان وسوريا والأردن؟، وكان آخرها جرائم الحرب في لبنان في حرب تموز/2006 ، وجرائم الحرب أثناء العدوان على غزة في كانون الثاني /2009 ، هذا ناهيك عن التدمير الكامل لغزة وبنيتها التحتية والفوقية نتيجة هذه الحرب ، وكل العالم شاهد هذه الجرائم على الفضائيات ، وكما نقلها الصحفيون بالصوت والصورة من كافة أرجاء العالم الذين حضروا إلى غزة بعد وقف العدوان .

ولا ننسى هنا المجازر وجرائم الحرب الأخرى التي ارتكبها قادة إسرائيل سابقًا في جنين ، والمقاطعة في رام الله أثناء حصار الرئيس الشهيد ياسر عرفات ، وعلى كنيسة المهد في بيت لحم وكافة الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل والتي لا تعد ولا تحصى في الضفة والقطاع ولبنان ومصر وكل الدول العربية ، بدءًا من مجزرة دير ياسين ومرورًا بمجزرة بحر البقر في مصر و بمجزرتي قانا في لبنان ، وحاليًا محرقة غزة الكبرى ، ومازال العرض مستمرًا ...

وعودة إلى مذكرة الاعتقال ضد الرئيس عمر البشير ، فإننا نتساءل وباستهجان ، ماذا فعلت شعوب الأمة العربية وقادتها ردًا على هذا القرار ، ليس دفاعًا عن الرئيس عمر البشير ، وإنما حفاظًا على كرامة الأمة العربية وقادتها ورفض التدخل الخارجي في الأمور الداخلية لأي دولة عربية حسب المزاج الأمريكي من أي دولة .

ألا يدرك القادة والزعماء العرب أن هذا المسلسل العدواني ضد الأمة العربية وشعوبها قد بدأ من العراق مع الرئيس صدام حسين ، ومن ثم الشهيد ياسر عرفات الذي حاصروه وقتلوه ، والآن وصلوا إلى الرئيس عمر البشير ، والدور آتٍ على الجميع واحدًا تلو الآخر لكل من يعصي الهيمنة الأمريكية ، لينطبق عليهم جميعًا المثل «أكلت يوم أكل الثور الأبيض» .

إنني أطالب كافة الزعماء العرب ملوكًا ورؤساء وأمراء الذين يستعدون للسفر إلى الدوحة لعقد القمة العربية المرتقبة هناك في نهاية الشهر الجاري ، أن يتخذوا قرارًا بنقل مكان عقد القمة العربية إلى الخرطوم ، وينتقلوا جميعًا وبصورة جماعية من الدوحة إلى الخرطوم لعقد مؤتمرهم هناك ، للتضامن مع الشعب السوداني الشقيق وحفاظًا على كرامته ورفضًا للتدخل الخارجي في الأمور الداخلية لأي دولة عربية بغض النظر إن كان هناك جرائم حرب وإبادة جماعية من الحكومة السودانية ورئيسها أم لا ، فهذا شأن سوداني داخلي ، وعلى الأكثر عربي يتم معالجته من خلال الجامعة العربية بالطلب من الرئيس البشير وجكومته بالتحقيق في الجرائم التي ارتكبت في دارفور وتحديد المسئولين عنها ومحاكمتهم داخليا لدى القضاء السوداني .

وإذا كان هناك مذكرات اتهام واعتقال من المحكمة الجنائية الدولية ، فلا يجوز لهذه المحكمه القيام بذلك قبل تعديل اتفاقية انشاؤها لتكون ملزمه لكافة دول العالم ، وعند اذن فلتطبق على الجميع وبدون استثناء على كل دولة أو رئيس ارتكب جرائم وإبادة جماعية ، ومن المؤكد انه سيكون أول المتهمين والواجب اعتقالهم هو الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش ، وقادة إسرائيل سياسيين وعسكريين ، وكل مجرمي الحروب في العالم ، وفي هذه الحالة إذا كان هناك إثباتات حقيقيه عن جرائم ارتكبها الرئيس البشير في دارفور فليقدم لهذه المحكمة كغيره بغض النظر عن أن دولهم موقعه على عضوية المحكمة أم لا…!!!

* عضو المجلس الوطني الفلسطيني

القدس المقدسية


 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات