مشهد المصالحات العربية!
أيام قليلة فاصلة عن القمة العربية في الدوحة، ملفات كبيرة مطروحة على طاولة البحث، من المصالحة العربية إلى القضية الفلسطينية إلى الأزمة السودانية، وصولاً إلى الأزمة المالية العالمية ، قد يكون من غير المبالغ القول إن لا أحد يعوّل على إنجازات أو اختراقات أو قرارات فاعلة في معظم هذه الملفات.
جردة طويلة من القرارات التي اتخذت ولم تنفذ على مدى القمم العربية السابقة، هي اليوم ماثلة أمام الجميع، وبالتالي فمن المتوقع أن تكون محصّلة القرارات إعادة صياغة للبيانات الختامية السابقة مع بعض التعديل والتحديث لمعطيات الملفات، ولاسيما في الشأن السوداني مع مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائيّة الدولية بحق الرئيس عمر حسن البشير.
ورغم ذلك، العين ستكون على المصالحات العربية واستكمال ما تمّ في قمة الكويت الاقتصادية وما تلاها من قمم، ثنائية أو رباعية، وكيفيّة تحويل المصافحات العابرة إلى مصالحات راسخة أو على الأقل هدنة طويلة الأمد، من المؤكد أنها لن تكون سهلة على الإطلاق، رغم الأجواء الإيحابية الأخيرة والأجواء الودية بين الدول العربية، التي كانت إلى الأمس القريب في حال قطيعة تامة.
لا شك أن مجرّد اللقاءات الثنائية، أو حتى الجماعية في قاعة القمة، تشكل اختراقاً غير قليل، لكن لا بد من مراقبة اليوم التالي للاجتماعات ، ولتكن القمة الرباعية، التي جمعت الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح والرئيسين المصري حسني مبارك والسوري بشار الأسد مثالاً ، من الواضح أن الرياض هي قائدة عملية المصالحة في المرحلة الراهنة، وبعدما عمدت إلى تخفيف التوتر بينها وبين دمشق، جاء الدور على العلاقات السوريّة المصرية.
اللقاء الأول بين الأسد ومبارك في الكويت لم يكن مبشراً، لاسيما أنه جاء بعد عدوان غزة، والحملة التي واجهتها القاهرة، وبالتالي بقيت مصر خارج إطار التحرك التصالحي السعودي والانفتاح تجاه دمشق، ومع تهيئة الأجواء ل “التطبيع” السوري السعودي، كان لابد من لقاء بين الرئيسين السوري والمصري ، جرى اللقاء، أجواؤه كانت أكثر إيجابية من سابقه، لكنه أيضاً لا يزال بعيداً عن عودة العلاقات إلى طبيعتها.
مراقبة التطورات التي تلت القمة الرباعية لا تظهر تقدماً كبيراً في العلاقات بين مصر وسوريا، بل تشير إلى أزمة بين القاهرة والدوحة، تهدّد بمقاطعة مبارك للقمة العربية المقبلة، وبالتالي يبقى المشهد التصالحي ناقصاً أحد أركانه الأساسيين.
الأيام الفاصلة عن القمة قليلة جداً ولا أثر، على الأقل في العلن، لأي جهد لتقريب وجهات النظر لإتمام النصاب في القمة العربية، من دون مقاطعات جوهرية على أن الأمل يبقى قائماً في أن تستكمل الدوحة مشهد المصالحات، وألا تكون رقماً لا يعلق في الذاكرة.
القدس المقدسية