دلالات غياب مصر!!
غياب الرئيس حسني مبارك ، وبالتالي غياب مصر ، عن قمة الدوحة يعني أنه لا مصالحات عربية حتى إشعارٍ آخر فمصر هي الدولة العربية الأكبر والأكثر تأثيراً في المنطقة كلها وهي تختلف عن غيرها في ان مجالها الحيوي في آسيا وإفريقيا على حدٍ سواء وأنها مقر الجامعة العربية وأنها حاضنة كل قمم العرب حتى منها التي إنعقدت في عواصم عربية أخرى مشرقية كانت أم مغربية.
بعد ان وقَّعت مصر اتفاقيات كامب ديفيد التي مرَّ على توقيعها ثلاثون عاماً انساق العرب وراء أصحاب الأصوات المرتفعة والأفعال القليلة وتسرَّعوا في اتخاذ قرارات ومواقف من بينها نقل مقر الجامعة العربية إلى تونس ومن بينها ذهاب بعض الدول إلى إغلاق حدودها أمام أبناء الشعب المصري والى معاقبة هذا الشعب بأكمله وذلك مع ان القمة التي اتخذت قرار المقاطعة قد انعقدت في بغداد وتحت رايات : ''أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة''.
يومها أرسل العرب الذين التقوا في قمة بغداد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سليم الحص برسالة إلى الرئيس محمد أنور السادات تتضمن إغـــراءات ''مجزية''!! لقاء تخليه عن كامب ديفيد والعملية السلمية وكان ان عاد الحص من مطار القاهرة بدون أن يستقبله أحد وبدون أن يُسأل عما جاء به وما الذي يريده.
والآن وبعد كل هذه الأعوام فإنه لابد من قول الحقيقة كما هي وبدون مواربة ولا دبلوماسية لا ناقصة ولا زائدة والحقيقة ان بعض القادة العرب الذين بالغوا في ردود أفعالهم إزاء ما أقدم عليه السادات لم يكن يهمهم لا التحرير ولا الكفاح المسلح ولا الحق الفلسطيني والحقوق العربية وإنما ان يأخذوا دور مصر وأن يرثوا زعامة جمال عبدالناصر وأن يقودوا المسيرة وإن بسيوف خشبية وقد ثبت أنها خشبية.
هناك مثل بدوي يقول : ''ما كل من هزَّ القنا يطعن العدا... ولا كل من رِكبْ الفرس صار خيال'' فالقيادة إن على مستوى الأفراد وإن على مستوى الدول لها مقومات ولها مواصفات والحديث النبوي الشريف يقول : ''طالب الولاية لا يُولـيَّ'' والمسألة هنا ليست مسألة غنىً ولا مسألة ''شطارة'' بل مسألة واقعٍ يرتكز الى مستندات حضارية وجغرافية وديموغرافية وهذه كلها توافرت ولا تزال تتوافر في مصر.
كان يجب ألاَّ تنعقد هذه القمة إلا بعد اكتمال المصالحات العربية العربية حتى وإن تم تأخير موعد انعقادها فغياب مصر وغياب غيرها يعني أن قمة الدوحة التي ستنعقد اليوم ستكون ناقصة وستكون غير ناجحة النجاح الذي ينتظره الشعب العربي فالمهم ليس انعقاد القمم فقط بل من سيحضرها وما هي الإنجازات التي ستحققها وطبيعة القرارات التي ستصدر عنها.
لقد شعرت مصر ان دورها التاريخي مستهدف وأن مكانتها مستهدفة وأن هناك تطاولاً عليها وأن ما جرى عشية العدوان الإسرائيلي على غزة وخلاله وبعده... وحتى الآن هو ذروة هذا الاستهداف ولذلك فإنها اتخذت هذا الموقف الذي اتخذته من هذه القمة وذلك رغم مشاركة الرئيس حسني مبارك في قمة الرياض ''التضامنية والتصالحية'' الرباعية ولذلك ولإزالة هذا الاستهداف فإنه ما كان يجب ان تنعقد هذه القمة بدون الأخذ ''بخاطر'' مصر وبدون إشعارها بأن مكانتها مصانة وأنه لا تطاول فعلاً على مكانتها ولا على دورها القيادي.
الرأي