المحمدية .. مستقبل الاردن يبدأ من هناك
المنظر في المحمدية يبهج القلب ويرفع المعنويات. الخميس الماضي تفقد الملك عبدالله الثاني مشروع المحمدية لزراعة الاعلاف. المشروع يمتد على ارض مساحتها 50 ألف دونم ويهدف الى تأمين احتياجات المملكة السنوية من بذور الشعير.
وفي التفاصيل يسعى الصندوق الهاشمي لتنمية البادية الاردنية الى التوسع في الزراعات لتشمل محاصيل الذرة العلفية والبرسيم كما يتضمن المشروع زراعة 55 ألف شجرة زيتون والف نخلة.
وحسب تصريحات الشريفة زين بنت ناصر فان الصندوق ينوي اقامة عدد من المشاريع المماثلة في مناطق اخرى من المملكة.
بدا الملك سعيدا بالانجاز وهو يستمع لشرح من الشريفة زين ورئيس مجلس امناء الصندوق فيصل الفايز ودعا القائمين على المشروع الى التوسع بمثل هذا النوع من المشاريع ضمن البرنامج الوطني لزراعة الاعلاف.
يستحق الصندوق الهاشمي لتنمية البادية التحية الخالصة فهذا هو الاردن بلد زراعي بالدرجة الاولى. وهذا النوع من المشاريع الانتاجية هي التي تنهض بالبلاد وبحياة المواطنين. لقد شعرنا جميعا بأهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية عندما ارتفعت الاسعار عالميا فقد واجهنا مأزقا غير مسبوق وتعرض قطاع الثروة الحيوانية الى ضربة موجعة ادركنا حينها اننا ارتكبنا جريمة بحق انفسنا عندما فرطنا بقطاع الزراعة لحساب المناطق الصناعية المؤهلة التي لم تجلب للاردن غير السمعة السيئة وتجارة البشر.
سرنا خلف اوهام الدور الوظيفي للاقتصاد الاردني وعَمَت الاسهم والبورصات قلوبنا عن رؤية الحقائق. وسادت في أروقة الدولة ثقافة معادية للزراعة والمزارعين وصار العمل في مهنة الزراعة مادة للتندر ولسان حال كبار المسؤولين من خريجي مدرسة البنك الدولي يقول لماذا نزرع بخسارة ما دام استيراد المحاصيل ممكنا بتكلفة اقل.
انهيار قطاع الزراعة في الاردن وضعنا تحت رحمة الجيران والاصدقاء وجعلنا عرضة للضغوط, فمن اجل شحنة قمح علينا ان نسكت عن المضايقات وتحرش الاشقاء.
مطلع هذا العام اطلق الملك شعار عام الزراعة في استدراك صحيح لاخطاء المرحلة السابقة. مشروع المحمدية اثبت ان المياه ليست عقبة كأداء في طريق العودة للزراعة, فجوف الاردن زاخر بالحياة والحقول الخضراء التي شاهدنا الملك يتجول فيها, فالمحمدية تسقى بمياه جوفية.
واذا امتلك المسؤولون الارادة اللازمة للعمل فان عام 2009 سيكون بالفعل نقطة تحول في مستقبل الزراعة الاردنية.
في الآونة الاخيرة انتشر على نطاق واسع سي.دي للقاء الشهيد وصفي التل عام 1969 مع مزارعين من انحاء الاردن كافة. الحوار الراقي بين الحكومة بقيادة وصفي والمزارعين يعكس حقيقة اهملناها على مدار عقود رددها الشهيد التل اكثر من مرة في اللقاء ومفادها ان الزراعة هي مستقبل الاردن لا الصناعة.
وكان رئيس الوزراء نادر الذهبي محقا عندما وزع نسخا من اللقاء على طاقمه الوزاري. فهي درس في اسلوب الحوار والتواصل بين الحكومة والناس وقبل ذلك وصية من الشهيد ينبغي حفظها.