اقتصاديون يطالبون!
أتمنى على المسـؤولين في البنك المركزي أن لا يقـرأوا الصحف، وإذا قرأوها أن يتجنبـوا قراءة المقالات والتصريحات والتعليقـات الاقتصادية، وإذا لم يتجنبوهـا أن يعتبـروا أنها تخـص بلداً آخر غير الأردن، فلا يتأثروا بها.
أقول هذا بمناسبة ما أقرأه يومياً من ضغوط متواصلة على الحكومة والبنك المركزي لتخفيض سعر الفائدة، وكأن الشركات والمشاريع امتنعت عن الاقتراض من البنوك لأن سعر الفائدة مرتفع، مع أنها على استعداد لدفع أي سعر للحصول على السيولة المطلوبة.
ليس أدل على ذلك من أن شـركة عقارية كبرى لم تسـتطع الحصول على التمويل المصرفي اللازم لها فاضطـرت لبيع عقارات إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي بسـعر يقل عن قيمتها الحالية بنسـبة 40%، مما يعني أن الشركة كانت مسـتعدة لدفع سـعر فائدة يصل إلى هذه النسـبة لو وجـدت المقرض الذي يلبي حاجتهـا.
وهناك اقتصاديون لا يملون من المطالبة بتخفيض الاحتياطي النقدي الإلزامي، الذي يشكل ضمانة وأمناً للمودعين ولا يزيد حالياً عن 8% من الودائع، لا لشيء إلا لإطلاق مبلغ صغير بنقله من الاحتياطي الإلزامي لدى البنك المركزي إلى نافذة الإيداع، مع أن النافذة طافحة بالسيولة بدون هذا الإجراء.
ما يحول دون تقديـم ما يلزم من التسهـيلات المصرفية لا يعـود لنقص السيولة، فهناك مئات الملايين من الدنانير الحرة المودعـة لدى البنك المركزي، ولكن البنوك لا تستطيع استخدامها للإقراض لأنها - باستثناء بنكين كبيرين- استنفدت طاقتها المسموح لها في الإقراض في ظل ضرورة توفر قاعدة رأسمالية لا تقل عن 12 بالمائة، أي أنها لا تستطيع أن تتوسـع إلا إذا رفعت رؤوس أموالها. الأمر الذي يفسر تشدد البنك المركزي ضد توزيع أرباح أكبر على المساهمين، لأن كل مبلغ يخفض من حقوق المساهمين يؤدي إلى تخفيض قدرة البنك على الإقراض بمقدار ثمانية أضعافه.
ما لا يريد أحد أن يفهمه أن توفر السـيولة في البنوك لا يعني بالضرورة قدرتها على الإقراض، فهناك قيـود ومحددات ومعايير أخرى تحول دون التوسع في الإقراض. وتخفيض سعر الفائدة على نافذة الإيداع قد يوفر على البنك المركزي دفع فوائـد لا لزوم لها ولكنه لا يغير سـلوك البنوك تجـاه الإقراض.
الرأي