رد الاعتبار للمبادرة العربية للسلام
ردت الدبلوماسية الاردنية بقيادة الملك عبدالله الثاني لدول الاعتدال العربي اعتبارها بعد ثمانية اعوام من المتاهات السياسية والدموية التي رسمتها ادارة البيت الابيض في عهد جورج بوش من اجل اسرائيل وحدها.
الحراك الاردني الذي عاد الى اوجه بقوة الدفع العربي من اجل حل الدولتين تمكن من اقناع الرئيس الجديد في واشنطن باراك اوباما بان غير حل الدولتين لاحلال السلام فان الشرق الاوسط سيدخل في مرحلة غليان سياسي وعسكري جديدين، ستدفع ثمنهما اسرائيل وامنها قبل اي دولة اخرى.
وان كان الحراك العربي في القمم التي التامت في اكثر من عاصمة عربية بعد العدوان الاسرائيلي على غزة وبياناتها الختامية التي وصفت من قبل ساسة عرب بانها ضعيفة ولا ترتقي الى مستوى الاحداث التي تواجه المنطقة، فالواضح انه كان من الاسباب الرئيسة في تغير موقف الرئيس اوباما وادارته الجديدة تجاه كيفية احلال السلام الذي كان يعتقد انه ممكنا ان يكون على حساب الدول المجاروة لاسرائيل وتحديدا الاردن.
فقبل ان يصبح اوباما رئيسا للدولة الاعظم في العالم، واثناء جولته الانتخابية التي توقف خلالها في اكثر من عاصمة عربية وعالمية ومنها عمان، المح انه مع حل القضية الفلسطينية على اساس الوطن البديل.
ولان اوباما حينها كان مرشحا وليس رئيسا فعليا للولايات المتحدة الامريكية، فضل الاردن العمل بصمت ضد هذا التوجه مستغلا فرصة عدم وضوح هوية الشخص الذي سيخلف جورج بوش في البيت الابيض. فتحركت عمان عربيا ودوليا، ودخلت في كواليس حل الخلافات العربية واعادت احياء المبادرة العربية للسلام مع اسرائيل، وفوضت لايصال الرسالة الى المجتمع الدولي بانه دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، فان الجميع سيكون على حافة الدمار واولهم اسرائيل.
الموقف العربي الذي كان اعلى من صوت اسرائيل ويمينها المتطرف الذي يحكمها حاليا بقيادة نتنياهو، عند اوباما، له اسبابه ايضا. فالازمة الاقتصادية العالمية التي عصفت بالولايات المتحدة كان لها تداعياتها التي جعلت الامن القومي الامريكي فوق كل شيء. فحجم الانفاق الامريكي العسكري في العراق وافغانستان كان واحدا من اسباب هذه الازمة. ولذلك فان امن اسرائيل الذي كان اولوية عند حكام امريكا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لم يعد كذلك الان. فاوباما يدرك ان استمرار سياسة بلاده بان يكون "امن اسرائيل" اولوية على اقتصاد المواطن الامريكي فهذا يعني ان بلاده تسير الى الهاوية.
ولذلك فان يشترط البيت الابيض على نتنياهو ايقاف الاستيطان في القدس "مربط السلام في الشرق الاوسط" والتخلي عن شرط اعتراف الفلسطينين باسرائيل دولة يهودية، فهذا بحد ذاته دعوة الى ان السلام بات مطلبا امريكيا لانه اساس لاستقرار مصالح واشنطن في المنطقة.
وان كان السلام الان مطلبا امريكيا وعربيا، فان اصرار اسرائيل على انتزاع اعتراف دولي بيهوديتها لطرد عرب 48 وعمل قوى اقليمية على منع اي اتفاق عربي مع تل ابيب حتى لا تنتهي عظمتها، سيعيد الى المشهد السياسي تيارات متطرفة، للاسف بعضها سيعمل باللبوس الاسلامي.