حيز الجغرافيا وصناعة التاريخ
في الوقت الذي يجمع العالم على ضرورة احترام التعددية الثقافية للشعوب ، ويقف الجميع مساندا لصوت الانسانية وحق الشعوب في تقرير المصير ، ويعمل المجتمع الدولي ومن خلال منظماته لايجاد قرارات تؤطر المرجعية العالمية كما تحفظ حقوق الانسان وتعزز سيادة دولة المواطنة التي تكفل المساواة والتعددية وتكافؤ الفرص ويقوم النظام العربي بتقديم مبادرة تاريخية للسلام يراعى خلالها متطلبات المرحلة بما يكفل تعزيز فرص السلام والتنمية ويهدف لابراز واقع تشاركي جديد للمنطقة وشعوبها بما يرفع الظلم والمعاناة عن مجتمعاتها جراء تحملها تبعات الاحتلال الاسرائيلي لفلسطيين ، وفي اثناء قيام الرئيس اوباما بالسير تجاه خلق بيئة جديدة اساسها المصالحة والاحترام المتبادل وقوامها الانفتاح واحترام ثقافة الاخر ، تقابل الحكومة الاسرائيلية كل ذلك وتجنح للسير في الاتجاه المعاكس متمترسة خلف عقلية القلعة بدواعيها الامنية وتتحدث عن اثنية دولة يهودية داخل مجتمع يحوي تعددية دينية وعرقية ، كما ترفض حكومة نتنياهو الاعتراف بالقرارات الدولية واتفاقات كانت الحكومات الاسرائيلية السابقة اقرتها بطريقة مأسفة ، غير آبه بكل الدعوات التي وجهت اليها من قبل المجتمع الدولي والذي كان ينتظرمنها التناغم مع هذه المعطيات والتجاوب معها وتنهي احتلال طال امده وتدعم الجهود التي تكفل اقامة الدول الفلسطينية ، وتستثمر هذه الاجواء الاقليمية والدولية بما يحقق المنفعة والمنعة للمجتمعاتها كما تقوم بأشاعة اجواء ايجابية تفائلية للمستقبل آمن ومستقر للمنطقة وشعوبها وتتحدث بروح من التشاركية حيال هذه الاجواء لتساهم في صناعة التاريخ ولا تبقى قابعة في حيز الجغرافيا .
عندما قدم نتنياهو بيان حكومته في الكنيست وضع في اوليات حكومته المفاعل النووي الايراني والقضاء على حماس ومعاجلة الازمة الاقتصادية ولم يتطرق للعملية السلمية بطريقة مفيدة، واكتفى بالحديث حيالها حول نظرية السلام الاقتصادي التي يتبناها والتي تعتبر كلام في الهواء وستارمن دخان كما يصفها بعض السياسيين لتغطية الاعتداءات الاسرائيلية على حقوق الانسان الفلسطيني في ظل معطيات الاحتلال حيث1.6 مليون دونم من اراضي الضفة تعتبر اراضي دولة لا تسمح اسرائيل بالتنمية والاعمار عليها ، الى جانب مئات من الدونمات المتعلقة للاغراض العسكرية اضافة الى اراضي زراعية اخرى غير مستغلة بسبب عدم امكانية وصول الفلسطيني اليها ، كما ان السياسيه العقارية الاسرائيلية التعسفية داخل الضفة الغربية هي وحدها التي تحول دون وصول التنمية الفلسطينية الى ابعادها واهدافها في حين ما زالت الحكومة الاسرائيلية تحتفظ بحق اصدار تراخيص البناء والصلاحيات الكاملة بالتخطيط ، فعن اي سلام اقتصادي او معيشي يتحدث نتنياهو بنظرية ؟! فان الواقع العملي والفعلي يشير للضرور انهاء الملف السياسيى اولاً، قبل الشروع باية نظرية اقتصادية او معيشية حتى يكون للحراث والغراس فائدة وجدوى ولا تكون لصالح الغير، حكومة نتنياهو لا طريق امامها سوى الاعتراف بحل الدولتين مثلما فعل شارون عندما اعترف خارطة الطريق ، فالحكومة الاسرائيلية ما زالت حتى الساعة تلعب في الزمن ولا يلعب بها، وتخشى الدخول في اتون الجوهر الذي يفضي الى حل واستقرار وآمان ،فان مدخل البوابة واضح ولا لزوم للدوران.
ولعل الارضية السياسية المتفهمة لطبيعة مجريات الاحداث بالمنطقة والتي ابداها المجتمع الدولي في بروكسل وواشنطن التي اعتبرت العملية السلمية في المنطقة تدخل في اطار امنها القومي ينتظر ان تستدرك الامور من الانزلاق نحو الفوضى والمجهول والذي لا يصب في مصلحة احد من الاطراف المعادلة السياسية في المنطقة او تلك الداخلة فيها ، كما يأمل ان يقود ذلك لبناء تحصين عالمي صلب في مواجهة الطروحات العبثية والعنصرية بما يعزز السلام والامن العالمي ويجسر اواصر التنمية والنماء بين المجتمعات على قواعد حداثية جامعة، وهو ما يحرص جلالة الملك على تجسيد معانيه ودعم الجهود التي تقوي دعائم ومرتكزات السلام ليتفيئ انسان المنطقة ظلاله كما تنعم مجتمعاتها بنتائجه ، الامر الذي يتطلبه اجراءات تنفيذية مبنية على المبادرة العربية للسلام والقرارات الدولية ذات الصلة ووضع اطار زمني محدد لمراحل التفاوضية ليكون عام 2010 عام الحسم والاستحقاق ، فالمنطقة بعواملها مهيئة لوضع اساس صلب ومتين للسلام والنماء فيها.
الامين العام لحزب الرسالة