قانون الانتخاب والتوافق المستحيل

من غرائب العمل السياسي في بلدنا أن بعض أصحاب الشعارات لا يقصدونها، فالذين رفعوا أصواتهم مطالبين بملكية دستورية وكون الولاية العامة لمجلس الوزراء، والسلطة التشريعية للبرلمان، لم يتورعوا عن اللجوء إلى الملك مطالبين بتجاوز ولاية الحكومة والمجلس، ورد القانون الذي ارتضوه بما لهم من سلطة دستورية.
هم إذن لا يؤمنون لا بملكية دستورية ولا بولاية الحكومة وسيادة المجلس، فالمطلوب تحقيق مصالحهم، وهم مع أية آلية تحقق تلك المصالح، ولو على حساب الدستور والخطة التي يرسمها للتشريع، وأبسط مفاهيم الديمقراطية.
جلالة الملك أحرص على الدستور واحترام المؤسسات من هؤلاء، وبالرغم من تحفظاته تجاه القائمة الوطنية فإنه، احترامأً للحكومة ومجلس الأمة، صادق على القانون الذي صدر في الجريدة الرسمية واصبح قانوناً نافذاً ولا يمكن تعديله إلا بقانون آخر.
تحفظات جلالة الملك عبـّر عنها بإعطاء فرصة إضافية للحكومة والمجلس بالتعاون والتوافق فيما بينهم لإدخال أية تحسينات يرتأونها على القائمة الوطنية.
ولما كان الملك يمارس سلطته التنفيذية بواسطة وزرائه، فقد قامت الحكومة بإعداد مشروع قانون معدل يرفع عدد أعضاء القائمة الوطنية من 17 إلى 27، الأمر الذي يرفع عدد أعضاء مجلس النواب القادم من 120 إلى 147 نائباً ومشروع متقاعد: كما سيصبح لدينا 73عينا، ولا تعود مقاعد القبة كافية في حالة عقد اجتماع مشترك.
نفهم أن تتقدم الحكومة بمشروع للتعديل إذا كان ذلك سوف يرضي المعارضين للقانون، وبالتالي يتأمن التوافق حول القانون، وهو أمنية الجميع. ولكن هؤلاء لن يرضوا، وقد لا يشاركوا حتى لو تحقق هذا التعديل الذي يتطلب أن تغير غالبية النواب والأعيان مواقفهم.
نقول ونكرر أن هذا القانون، أو أي قانون انتخاب آخر، لن يحصل على الإجماع أو التوافق، لأن المصالح مختلفة، وكل صيغة سوف ترضي فئات وتغضب فئات أخرى.
الوقت ضيق، ونحن الان في النصف الثاني من السنة، وأغلب الظن أن التعديل الذي ستتقدم به الحكومة سيرحل إلى البرلمان القادم بعد أن توضع تجربة القائمة الوطنية موضع التنفيذ ويتضح مدى نجاحها وجدوى التوسع فيها.( الرأي )