نزاهة الانتخابات مهمة قيد الإنجاز

لا خيار أمام الدولة إلا بإجراء انتخابات نيابية نزيهة واتخاذ إجراءات تعزّز ذلك .
قلنا مرارا وتكرارا إن نزاهة العملية الانتخابية أهم من القانون نفسه, فلا خير في قانون انتخابات عصري يطّبق اعلى معايير العدالة المتعارف عليها دوليا إذا جرت الانتخابات في أسلوب وأجواء ليست نزيهة.
وهذا ما يركز عليه جلالة الملك عبدالله الثاني بالتأكيد على نزاهة الانتخابات المقبلة, وخاصة وان القانون نقل إشراف الحكومة وأجهزتها على العملية الانتخابية، وأتى بهيئة مستقلة تشرف على الانتخابات وهي مسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة وتتحمل وزر نجاح العملية او آية شائبة يمكن أن تشوبها.
إن نزاهة الانتخابات المقبلة هي بحدّ ذاتها تحد كبير أمام النظام السياسي بمجمله وأصبحت استراتيجية مهمة وحساسة ومنطلقا حقيقيا للإصلاح ومواكبة التغيير والاستجابة إلى مطالب الرأي العام, ولا خيار أمام الدولة إلا بإجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة وشفافة يشهد لها القريب والبعيد وحتى من يرفض المشاركة فيها.
وبكل صراحة إن النجاح في إجراء الانتخابات النزيهة سيحرج أي طرف يشكك بنزاهتها او يقاطعها , ويشعره بأنه ارتكب خطأ فاحشا لأنه سيخسر ورقة كبيرة يمكن ان يستغلها كما هي الحال بعد كل انتخابات نيابية والتذرع بتزوير إرادة الناخبين والعودة إلى التشكيك بالتمثيل الحقيقي والمطالبة بحل المجلس المنتخب وإجراء انتخابات مبكرة.
واذا عدنا إلى المعايير الدولية التي يمكن ان تعطي العملية الانتخابية المصداقية المطلوبة لأن استمرار الحديث عن التزوير فيه مساس بالنظام السياسي وعلاقته مع البنى الاجتماعية التي تشكل عصب النظام نفسه , فتزوير الانتخابات هي اكبر عملية فساد يمكن الكشف عنها.
لذلك فإنْ اردنا إعطاء العلمية الانتخابية النقاء المطلوب والابتعاد عن دائرة الشبهات فلا بد من اتخاذ مجموعة من الخطوات التي يمكن ان تحقق الهدف المنشود وهو النزاهة المطلقة , ويأتي في مقدمة ذلك تحديد مكان الاقتراع لكل ناخب, إما توزيع على المقترعين حسب الاحرف الاولى او ترك الخيار للناخب لتحديد مكانه اقتراعه.
وثانيا, الغاء كل الصناديق الخشبية السابقة واستعمال صناديق بلاستيكية شفافة والزام كل مراكز الاقتراع باستخدام الحبر السري على الاصبع لمنع عمليات تكرار الانتخاب او محاولات التزوير.
وتبقى معضلة تصويت الأميين, هي اكثر النقاط التي يجب العمل على إجلاءها بعد ان شطب مجلس النواب عبارة (او التأشير على اسم او صورة المرشح) الامر الذي يحدّ من وضع شكل جديد لورقة الاقتراع يقوم على طباعة أسماء و صور او رموز لكل مرشح بالتأشير عليها , بما يمكن ان إلغاء عملية اعتماد المرشح الأمي رئيس لجنة الاقتراع في تدوين خياره المطلوب.
وأخير لا بدّ من إيجاد حل جذري لعمليات شراء الذمم ومنع استخدام المال السياسي في التأثير على خيارات الناخبين , وهي عملية موجودة وبكثرة , فليس من السهل منع الناخبين من بيع ذمهم لكن علينا عدم تسهيل ذلك .
اعتقد ان الهيئة المستقلة للانتخابات واعية تماما لهذه النقاط واعتقد انها تدرس كل الخيارات من اجل ان تكون الانتخابات المقبلة كما يريدها جلالة الملك حرّة ونزيهة ولا تشوبها شائبة, بل ناصعة البياض يشهد لها العدو قبل الصديق . ( العرب اليوم )