إخوان وحراكات ومقاطعة

تم نشره السبت 14 تمّوز / يوليو 2012 11:49 صباحاً
إخوان وحراكات ومقاطعة
ناهض حتر

أوضّح، أولا، أن الحراكات الشعبية، من حيث التنظيم والفعالية والشمولية، متنوّعة للغاية. وهي، في النهاية، لجان محلية مؤلفة من مجموعة نشطاء في حيّ أو عشيرة بلدة أو مدينة أو محافظة. وهو شكل ابداعي مفتوح للتنظيم الشعبي الديمقراطي. وهو مفتوح بالفعل، بمعنى أنه لا يشكل حزبا ولا تيارا، ويتم التعديل على مواقفه السياسية وفقا للأحداث والمستجدات وطبيعة المشاركين. وفي الغالب هناك لجنتان أو أكثر تمثلان الحراك نفسه، كما هي الحال في ذيبان مثلا وفي بني صخر.. الخ. ولا تنقسم لجان الحراك، بالضرورة، على أسس سياسية، بل لاعتبارات متنوعة للغاية.
هذه اللوحة، أتاحت للإخوان المسلمين، القيام بإنشاء لجان حراكية من بين أعضائها في المناطق في تسميات محلية، أو اختراق سواها، أو التحالف الميداني مع بعضها. لكن كل ذلك لا يعني، مطلقا، حدوث أي اختراق إخواني سياسي في المحافظات أو في السياق العام للحراك الشعبي. فمن الناحية التنظيمية، لا تسمح سيولة لجان الحراك بالسيطرة عليها من قبل أي كان، ومن الناحية السياسية، فإن تحالف " الإخوان" أو سواهم مع أي من الحراكات لا يعد تحالفا معها، بل يستقيم فقط بالتسليم بالشعارات الحراكية المعروفة التي تركز على استئصال الفساد والشأن الاقتصادي الاجتماعي والوطنية، بسقوف لا يصلها " الإخوان" أو سواهم من أحزاب المعارضة التقليدية.
الأربعاء الماضي عقد " الإخوان" اجتماعا ضمهم وعددا من اللجان الحراكية المؤلفة من قبلهم أو المتحالفة ميدانيا معهم. وبعد جلسة ساخنة من الخلافات وتوجيه الاتهامات الحراكية للإخوان، صدر عن الاجتماع بيان بمقاطعة الانتخابات، مدعيا أن الاجتماع يمثل الحراك الشعبي كله. وهذا غير صحيح البتة.
في العمق، فإن أسباب مقاطعة أي لجنة حراكية للانتخابات هو نوع من الاحتجاج الاجتماعي السياسي، وهي غير أسباب "الإخوان" وحلفائهم والتي تدور حول مطالبتهم بنظام انتخابي يؤدي إلى تمتعهم بأكثرية نيابية في سياق قيام الوطن البديل بوسائل " ديمقراطية".
في رأيي أن اللجان الحراكية في المحافظات ـ رغم بياناتها ـ لا تستطيع، في النهاية، مقاطعة الانتخابات النيابية إلا إذا غامرت بالعزلة عن حاضنتها الاجتماعية التي ستشارك في الانتخابات بغض النظر عن طبيعة النظام الانتخابي المعمول به. وذلك لأسباب محلية صرف، و ليس لأنها تؤمن بأن بقدرة البرلمان على حل مشكلاتها. فهي تسخر من هذه النظرة التي يروّجها، كل من موقعه، النظام والمعارضة الإخوانية معا.
لا تستطيع السلطات، اليوم، إجراء انتخابات لا تتصف بالنزاهة. ذلك أن الرقابة المحلية الشعبية والإقليمية والدولية، مفتحة الأعين. وبافتراض النزاهة و مشاركة الجميع، فإن لوحة البرلمان القادم ستكون مختلفة سياسيا عن أي برلمان شهدناه منذ 1993. سوف يحصد " الإخوان" أكثر قليلا من 30 مقعدا والحراك الوطني الشعبي وأنصاره على مثلها، بينما سيحصد الليبراليون والمستقلون لا أقل من 15 مقعدا، وستكون هناك معارضة برلمانية قوية، بينما ستتنوّع مقاعد الموالين سياسيا واجتماعيا، بحيث يصعب أن يؤلفوا حزبا في كل الملفات المطروحة.
مقاطعة الانتخابات هو موقف عدمي، فلا معنى لأن تحرم قوة سياسية ما نفسها من منبر جماهيري للدعاية السياسية. لكن " الإخوان" يستخدمون سلاح المقاطعة، في ظروف الضغوط الغربية، للابتزاز.
مقاطعة " الإخوان" للانتخابات مفهومة تماما بالنظر إلى أن خلافاتهم الداخلية لا تسمح لهم بخوض معركة ناجحة، كما بالنظر إلى الحماية التي يتمتعون بها اليوم من قبل الغرب، وتغريهم بالابتزاز لتحقيق مكاسب سياسية. أما مقاطعة الحراكات الشعبية للانتخابات، فهي تعبير عن غضب من دون مردود سياسي، حيث لا يوجد للحراك الشعبي الأردني نصير دولي، ولا يحظى، في الوقت نفسه، باعتراف السلطات التي تسعى إلى تفكيكه وليس إلى عقد الصفقات معه كما تفعل مع الإخوان المسلمين . ( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات