عن الفساد النيابي ايضا..!

.. ونقول اننا ننفخ في الرماد لأننا نعرف ان المجالس النيابية في بلادنا العربية تفصّل تفصيلا ، وعمليات الافساد الصغرى والكبرى للنواب مبرمجة لانها تسهل تطويعهم والأهم في رأيي هو ان التجارب الديمقراطية المتجذرة في الدول المتقدمة وفي مقدمتها بريطانيا هي تجارب عمرها قرون طويلة ، وهي تجارب حقيقية بينما الديمقراطية في بلادنا مسألة شكلية دعائية،،
وعندما يقولون في الغرب بالتوازن بين السلطات الثلاث وتكامل ادوارها ونهوض كل سلطة بمسؤولياتها ومنع انفراد سلطة بالتغول على حساب السلطات الاخرى..
وقد اضافوا في الغرب الى السلطات التنفيذية والشريعية والقضائية سلطة اخرى هي السلطة الرابعة او صاحبة الجلالة ويقصدون الصحافة.
وقد اثبتت واقعة النفقات الزائدة والامتيازات المالية لبعض اعضاء مجلس العموم ان دور السلطة الرابعة ما زال فاعلا ، فعندما تمكنت جريدة «الديلي التلغراف» من الحصول على كل الوثائق المتعلقة بمصاريف لنواب يشتم منها رائحة الانتفاع والاستغلال ونشرت هذه الوقائع في 8 ايار الحالي اكدت «الديلي تلغراف» انها دققت في مسألة المياومات والسفر ، واذا ما كان هنالك محاباة او تنفع او سياحة على حساب دافع الضرائب ووقعت ايضا في عمليات التوظيف في المجلس في السنوات الاخيرة واذا ما كان هنالك توسع ومحسوبيات وترضيات لنافذين وغير ذلك من التجاوزات التي تشكل التفافا على القانون كما حدث في موضوع النفقات الزائدة. الا ان الجريدة لم تعجبها زيادة موازنة مجلس العموم في السنوات الاخيرة بدون مبرر وهو ما اتاح انفجار فضيحة النفقات الاضافية للنواب..
يتقاضى النائب في بريطانيا مكافأة سنوية مقدارها 64 الفا و 700 جنيه سنويا ويشكو بعض النواب الانجليز بأن رواتبهم اقل بكثير من رواتب بعض المدراء في الشركات والبنوك ، لكن ذلك ليس مبررا وما يحصلون عليه من رواتب مجز..
وفي كل الاحوال فان تزامن فضيحة النفقات في مجلس العموم البريطاني مع الحكم في جريمة هشام طلعت مصطفى وفتح ملف الفساد والاستغلال في مجلس الشعب المصري لا يعني ان هنالك تشابها او ان المقارنة ممكنة كما تقول جريدة «الاهرام» فهنالك فرق بين قضايا بالمليارات او مئات الملايين وبين قضايا بالملاليم قياسا كما تصف ذلك «الاهرام».
ومشكلة الفساد في بلادنا العربية كما يقول الاستاذ غسان تويني في «النهار» هي في ان عدم المحاسبة والمساءلة والنفوذ في تغطية الفساد توهم الفاسدين ان الناس لا تعرف فسادهم المجسد على الارض وعبر الثروات الطارئة والمظاهر الكثيرة ومنها شركات واستثمارات وغير ذلك..
ما حصل في مصر يوقد بصيص أمل ان يكون هنالك توجهات في مصر والمنطقة للحد من الفساد فهذا واحد من اكبر الرؤوس يلقى اقسى عقاب لاستغلاله نفوذه وسلطته وثروته لارتكاب جريمة مباشرة ، وهذا يفتح باب الأمل بان تتم محاسبة كل الفاسدين الكبار الذين لا يتسببون في قتل فرد فقط ، وانما يتسببون في قتل وايلام وايذاء وطن وشعب.
وفي النهاية نترك لكل واحد ان يتأمل في المشهد العام في هذا الوطن العربي لندرك انه لا بديل عن الديمقراطية الحقيقية لعلاج كل عللنا وامراضنا وتعثرنا وخيباتنا وهزائمنا.
ربنا هب لنا من لدنك رحمة.
الدستور