ديمقراطيات مكيفة!!

تم نشره الثلاثاء 26 أيّار / مايو 2009 11:22 صباحاً
ديمقراطيات مكيفة!!
خيري منصور

الديمقراطية ليست حذاء نعود الى البائع كي نستبدله باوسع منه اذا كان ضيقا ، او العكس ، كما انها ليست حفلات تنكرية موسمية تنتهي ككلام الليل اذا طلعت الشمس ، وليس غريبا ان بقيت كلمة ديمقراطية لا تقبل الترجمة من الاغريقية الى اللغات الاخرى ومنها لغتنا بعد اكثر من خمسة وعشرين قرنا.

انها ليست بلا اعراض جانبية قد تسبب الصداع او الدوار ، وثمة من وصفوها بانها ذات انياب ، تقابل من تصوروا انها درداء وبلا اسنان ، وتحتاج الى من يضع لها الطعام نيابة عنها.

ولا يعادل مصطلح الديمقراطية في تعرضه للتلاعب واعادات الانتاج في الواقع السياسي العربي الا مصطلح الحرية ، ومثله ايضا الاشتراكية ، فالحرية ارتكبت جرائم لا تحصى باسمها ، اما الاشراكية فلها حكاية طريفة تستحق ان تروى ، وهي نكتة شعبية سوداء شاعت في ستينيات القرن الماضي ، عندما سئل اقطاعي عن رأيه في الاشتراكية فامتدحها خشية من الثورة الجديدة التي سعت الى التأميم ، وقبل ان يتنازل عن سيارة اذا كان يملك اثنتين وعن حصان ان كان يملك اثنين ، لكنه عاد ليصرخ غاضبا في وجه من سأله لانه احس بان هذه المتوالية الحسابية ستحرمه من احدى زوجتيه،

وقد يأتي وقت نتداول فيه كعرب نكات سياسية لا تحصى حول الديمقراطية ومستحضراتها ومعجناتها اللفظية، ما دام الامر يتعلق اولا واخيرا بما نجنيه من فائدة او ما يترتب عليها من خسائر.

ان شغف المعارضات السياسية بالديمقراطية يصل الى مرتبة الوله وهي اعلى مراحل العشق ، لكن ما ان تصل المعارضات الى السلطة حتى تستدير مئة وثمانين درجة لخطابها وتصفه بالرومانسية وقد تعتذر عنه ، لان العلاقة بالديمقراطية هي حب عذري ، يتطلب اقامة العوائق والعقبات للحيلولة دون الوصال او الزواج. فالشاعر العذري كان يعرف ان غزله العلني بمن يحب يحرمه من الزواج حسب تقاليد القبائل واعرافها ، لكنه كان يتعمد التشهير كي يضمن بقاء الحرمان ، فالحرمان مطلب بالنسبة اليه وهو كما يقال «عدة الشغل» التي بدونها يصل الى البطالة،

ولا نعرف في التاريخ تجارب ديمقراطية حولت هذا المنجز المدني والانساني الى قمصان او احذية ذات قياسات معينة ، منها الصغير والمتوسط والواسع كما ان الديمقراطية لا يليق بها حرق المراحل او وهم اختصار الجهد والوقت ، لانها يجب ان تمر بنصابها الكامل بدءا من الاضرابات حتى الصناديق،

ولا ادري لماذا يقرن العرب الديمقراطية بالعرس ، رغم ان هناك حفلات زفاف صاخبة بلا عرسان ، ولعله الهاجس الجنسوي ذاته الذي جعلهم يسمون احتلال فلسطين والاستيلاء عليها برا وبحرا وجوا تاريخا وحضارة وهوية ، مجرد اغتصاب،

ان هناك ظواهر في التاريخ لا تتيح للهواة التلاعب بها ، وتصغيرها او تكبيرها حسب طلب الزبون ، وحين تتحول مثل هذه القضايا الاشكالية الكبرى الى كرات من جوارب وخرق لا بد للستار ان يسدل على المشهد كله!

الدستور



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات