تحسين نوعية النواب

حتى الآن لا نلمس جواً انتخابياً في البلاد.
وحتى الآن تعمل الحكومة وأجهزتها ضد الانتخابات، بخطابها الجاف المتردد، وقراراتها المنتظرة في الموضوع المعيشي للمواطنين.
وحتى الآن أيضا، لم يصل إلى قناعات الناس أن الثقة في نزاهة الانتخابات المقبلة متوفرة، رغم التصريحات العديدة التي انطلقت من أعلى المستويات بضمان نزاهة الانتخابات، ولأن "المقروص بخاف من جرة الحبل" فإن القناعات غير متوفرة، وتحتاج إلى تحقيق أشياء على الأرض، حتى يقتنع الناس أننا ذاهبون إلى انتخابات حقيقية.
في المتابعة الحثيثة لما يتداول من معلومات حول الانتخابات، يظهر أن نحو 80 نائبا من المجلس السابق يحاولون العودة من جديد إلى كرسي النيابة، لا بل إن الحراك الانتخابي الضعيف في العاصمة والمحافظات، يقوده النواب السابقون، وهذا مؤشر سلبي مع الاحترام لكل من يرغب بالترشح، فإذا كانت النتائج المتوقعة كذلك، فلماذا حل المجلس السابق، الذي أخشى أن نترحم عليه، بعدما نرى النماذج المقبلة.
إذا كان قانون الانتخاب "سيئ الذكر" قد حرم البلاد من كفاءات كان من الممكن أن تقدم حلولا لمشاكلنا المزمنة، فإن العملية الانتخابية التي تُجرى وبوسائل غير أخلاقية حرمت الكفاءات والناس المحترمة من التفكير في الترشح، لأن الترشح ارتبط للأسف بأصحاب الأموال والمليونيرية تحديدا، الذين يستطيعون أن يرصدوا ملايين للحملة الانتخابية.
لا يكفي أن نبقى نردد أن المال السياسي مجرم بالقانون، بل نحتاج إلى منع انتشار المال السياسي قبل أن نقترب أكثر من يوم الاقتراع.
فلا أحد يصدق أن الحكومة وأجهزتها الأمنية لا تعرف حركة المال السياسي والمشتغلين به، وهي التي تصدر يوميا قراءات ميدانية عن أحوال المرشحين، وفرص كل مرشح بالنجاح، فالذي يعرف أن فلانا لديه الفرصة، يعرف أيضا أن علانا يتاجر بأصوات الناس، ويحجز البطاقات الانتخابية عنده، لكي يضمن الأصوات يوم الانتخابات.
تحسين نوعية النواب، ليس مهمة الناخبين فقط، بل مهمة الدولة بكامل أجهزتها وأعينها، وإعطاء الفرصة للخبرات والكفاءات هي الطريق لإنقاذ البلاد من أوضاعها الصعبة.
من المؤمل أن تحسن القائمة الوطنية نوعية النواب المنتظرين، مع أن ما يتسرب من معلومات عن حركة القوائم لا يبشر بالخير، وهناك محاولات لغسل رجالات خدموا في الدولة وفي أعلى المناصب، ولم يقدموا نموذجا محترما أثناء عملهم، يحاولون أن يركبوا قطار الانتخابات على اعتبار أنهم المنقذون لأوضاع البلاد، حتى أن بعضهم لا يتورع أن يدعي أنه حاصل على الضوء الأخضر وألوان أخرى.
وهناك قضية معلقة عند الهيئة المستقلة للانتخاب، التي لم تحسم حتى الآن التعليمات النهائية للقوائم، وهذا أمر يثير الشكوك، ويخلق انطباعات سلبية لدى الناخبين.
( العرب اليوم )