المشهد القادم

تم نشره الإثنين 12 تشرين الثّاني / نوفمبر 2012 01:03 صباحاً
المشهد القادم
د. رحيّل غرايبة

القراءة الموضوعية للمشهد السياسي القادم على الصعيد المحلي الأردني، تدعو إلى التشاؤم، دون خوض في تحميل المسؤولية أو اللوم أو الاتهام لأي طرف سياسي بعينه من الأطراف السياسية التي اشتركت في صناعة معالم المشهد أو أسهمت في دفعه نحو هذه الصورة غير المكتملة، التي لا تسر صديقاً ولا تغيظ عدواً.
الظروف المحلية والإقليمية والعالمية، تفرض واقعاً جديداً ومتغيرات كثيرة تحمل قدراً كبيراً من المفاجآت، تحتم على جميع الأطراف المعنية أخذها بعين الاعتبار، لأنه يمكن تجاهلها أو إغفالها، مما يجعل العمل على إحداث أكبر قدر من التوافق السياسي والاجتماعي هو عنوان المرحلة بكل تأكيد، وهذا يحتاج إلى بعض التضحيات والتنازل عن بعض الرغبات.
من أكثر معالم المرحلة القادمة ظهوراً هو غياب المعارضة السياسية أو الجسم الأكبر منها، عن المشاركة في العملية السياسية التي لا تنحصر في الانتخابات النيابية فقط، بل في مجمل عملية إدارة الدولة بكل مساراتها السياسية والاقتصادية والتربوية والعلمية والاجتماعية والتنموية، مما يستوجب نقصان المشهد السياسي وعدم اكتماله، وبقاء بذرة الاحتقان والتوتر التي تسقى بالإحباط واليأس، وتنمو وتترعرع في ضلال الأزمة الاقتصادية.


من خلال رصد الحراك الانتخابي وما يتعلق به من ارهاصات ومظاهر وأنشطة، يكاد يفضي إلى إعادة استنساخ المرحلة السابقة، لأن معظم وجوه البرلمان المنحل يعملون على إعادة الكرة، وكثير من الشخصيات التي كان لها دور واضح وحضور بارز على مستوى مجلس النواب أو الأعيان أو الحكومة هم الذين يحاولون تشكيل قوائم وطنية من أجل معاودة الظهور في المشهد القادم عن طريق القائمة التي سوف تكون ثوباً جديداً للمضمون السابق نفسه، وليس هناك ما يلوح في الأفق أو ما يعطي بريقاً من أمل في افراز تحول سياسي جديد، يعبّر عن طموح شعبي بالانتقال نحو ديمقراطية حقيقية تتمثل بمجلس فاعل قادر على المساءلة وقادر على تصحيح المسار.
القوائم التي يتم التعويل عليها، لن تكون قادرة على تحصيل حضور فاعل في البرلمان القادم، لسبب واضح وبسيط يتمثل بعدم قدرة أكبر قائمة على تحصيل مقعدين أو ثلاثة بالحد الأعلى، هذا على فرضية توافر القدرة مسبقاً لدى القوى والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية على تشكيل القائمة ابتداءً في ظل التأكّد من تلاشي الفرصة بالنجاح لكل من كان ترتيبه "الرابع" وما بعد ذلك على القائمة مما يجعل فرصة التوافق على القائمة ضرب من المستحيل.
أما الأمر الآخر المحتّم، فيتمثل بالحاجة الملحّة لتمويل القائمة وما تتطلبه من مصاريف اعلاميّة ودعائية من أجل التعريف بأعضاء القائمة على مستوى الوطن وفي كل المحافظات والمدن والقرى والأرياف، مما يجعل هذا الأمر منحصراً في قلة من الأثرياء والميسورين من أصحاب الطموح في احتلال المقعد النيابي، وهذا سوف ينعكس على نوعية وجهاء المجلس القادم الذين جاءوا بأموالهم، وليس بفكرهم ولا برنامجهم السياسي.


هذه القراءة تسوقنا إلى تخيل صورة المجلس القادم الذي لن يكون مختلفاً عن مجلس ألـ (111)، أو مجلس (2007)، اللذين لم يكملا نصف مدتهما الدستورية، وأسهما اسهاماً كبيراً في اشاعة اليأس والإحباط في نفوس الناس، وخاصة الشرائح الشبابية، التي أصبحت تتصف باللامبالاة والانصراف عن المشاركة الفاعلة بكل صورها وبكل أشكالها، وسوف يكون لذلك أثر بارز في زيادة الاحتقان، وزيادة حدة التوتر لدى الشرائح المتوترة أصلاً، مما سوف يؤدي إلى تفاقم المشكلة وزيادة حدتها، ويعيدنا إلى ما قبل المربع الأول.


ولكن بالرغم مما اندفعت اليه الأمور، وتعقد المشهد، وصعوبة القرار، إلاّ أن العودة إلى الحوار من جديد أصبحت أكثر الحاماً وضرورة من أجل تحقيق أكبر قدر من التوافق السياسي والشعبي ولكن بقوالب جديدة وأطر جديدة، بعيداً عن لغة المغالبة والمكاسرة ولي الذراع، وبعيداً عن أسلوب المخاطبة بالإعلام، وعبر التصريحات الصحفية، ويجب على جميع الأطراف الابتعاد عن الرؤوس الحامية التي أسهمت وتسهم في توتير الأجواء وإحداث القطيعة وإشاعة أجواء انعدام الثقة التي الحقت ضرراً بالغاً بالوطن والشعب والمصلحة العامة التي تعلو كل مصلحة شخصية أو فئوية أو حزبية.

( العرب اليوم )

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات