العلاقة بين الجيران: "صباح الخير يا جاري إنت في حالك وأنا في حالي"

تم نشره السبت 22nd كانون الأوّل / ديسمبر 2012 10:10 صباحاً
العلاقة بين الجيران: "صباح الخير يا جاري إنت في حالك وأنا في حالي"

المدينة نيوز - "صباح الخير يا جاري إنت في حالك وأنا في حالي"، عبارة غدت منتشرة كما النار في الهشيم، بالمجتمعات المدنية وحتى القروية، بل هناك كثيرون ممن يرون أن تبادل التحية "بات معدوما بينه وبين جيرانه".
ويعزو مختصون فتور علاقات الجيران مع بعضهم بعضا حاليا إلى "هموم ومشاغل الحياة التي تزداد تعقيدا يوما بعد يوم فهي تلهي الجيران عن جيرانهم".
كما يردون الأمر إلى انتشار وسائل الاتصال الحديثة التي "قضت على القرابة الجغرافية" وأقامت صلة بين الناس المتباعدين في الأمكنة، على حساب علاقة الجيرة القديمة.
رشاد السيد ومحمد عبيدات جاران في الحي نفسه، لا تتعدى علاقتهما ببعضهما أكثر من السلام إن تقابلا صدفة، يقول رشاد "اختلفت علاقة الجيران كثيرا عن الماضي"، منوها إلى أنه لمس الاختلاف الأكبر عندما انتقل من قريته في شمال اربد إلى عمان.
ويضيف رشاد رغم ارتفاع أعداد طوابق البناية وكثرة السكان الذين يقطنونها، إلا أنهم لا يعرفون بعضهم ولا يتبادلون الزيارات، وكل جار "يتعالى على الآخر بمستواه الاجتماعي والاقتصادي، مما أصاب النفوس بالحقد والضغينة".
من جهته يبين أبو عبد الله بأن العلاقة الطيبة بين الجيران التي كانت تسم الناس في المناطق الشعبية أو المحافظات والتي كانت يحتفظ الجيران فيها بروح التعاون والأخوة، "لم تعد كسابق عهدها"، لافتا إلى أن العلاقات "باتت من دون الأقارب بعيدة عن بعضها ولا ود فيها، وما يكون منها إلا الضجر والملل وتتبع الحال".
وعن بعض الأسباب التي من الممكن أنها أثرت على حياة الجيران وعلاقاتهم، فيرى اختصاصي الطب النفسي الدكتور محمد حباشنة أنها "ليست عوامل مادية فقط"، رائيا أن التباعد بين الجيران "ملحوظ في المدن أكثر من الريف والأحياء الشعبية"، والسبب أن كل أسرة تشعر بأنّها مؤسسة اجتماعية مستقلة ليست بحاجة إلى الآخر، وهذا جعل الناس يعتقدون أنهم لن يحتاجوا إلى جيرانهم، وبالتالي هم ليسوا بحاجة لمد جسور التواصل معهم".
العشرينية رولا الحياصات والتي تقطن في السلط، تقول إن "هناك جيرانا لا يردون السلام على جيرانهم"، والعلاقات الطيبة "نوعا ما تقتصر على الأقارب، أما الجيران فقد يتزاورون بالمناسبات فقط".
وترى الحياصات أن "خروج المرأة إلى العمل وانشغالها الدائم يجعل هناك فتورا واضحا بينها وبين جاراتها"، مضيفة أن "صعوبة الحياة في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الناس لا تعطيهم الفرصة لإقامة علاقات طيبة مع جيرانهم ما زاد ذلك من تباعدهم".
الحياصات التي تستذكر طفولتها وما فيها من علاقات دافئة مع جيرانها بالحي لاسيما علاقة الجارات ببعضهن، واللواتي كن يجتمعن يوميا لإعداد الاطعمة وخاصة في العطل والمناسبات، تشير إلى أن المرأة الآن "ليس لديها وقت تمضيه مع جاراتها، وإذا كانت الفتاة عروسا أو منتقلة إلى سكن جديد لا تهتم أن تعرف أحدا بالمنطقة".
والخطر في الأمر، وفق حباشنة، أن خلل العلاقة بين الجيران توسع وانعكس على أفراد الأسرة داخل العائلة نفسها، إلى درجة أن هناك بعض الآباء علاقتهم بأولادهم "لا تتعدى حدود التمويل المادي".
والحل، بحسب حباشنة، في وقفة مع النفس، فعلى كل إنسان أن يقف مع نفسه ويحاسبها ويختار "إما أن يحيا حياة بشر ويتفاعل مع الآخرين أو يختار حياة الآلات من دون مشاعر".
أما الأربعينية لطيفة الخطيب فتقول "لم نعد نرى" الآن هذا الجار الذي يخاف على أبناء حيه بالمقدار الذي يخاف فيه على أبنائه، ينصحهم، يرشدهم، يوبخهم ويحذرهم، منوهة إلى أن الجار قد يصادف جاره كل شهر أو قد لا يراه مطلقا، ومن ثم قد لا يعرفون أسماء بعضهم وكنيتهم ليعرفوا أبناء جيرانهم.
من جانبه يبين اختصاصي علم الاجتماع د.محمد جريبيع أن عصر الاتصالات، واتساع رقعة المساحة في المدينة الواحدة من أهم الأسباب لتغير نمط الحياة المعيشية.
ويقول جريبيع "في الزمن القديم كان المجتمع العربي يأخذ الهوية البدوية التي انتشر بينها الغزو، حتى جاء الإسلام، ووحد المسلمين، وكان من أهم ما وصى به الرسول (صلى الله عليه وسلم) الجار وحقوقه حتى بات الصحابة يعتقدون أنه سيدخل في الميراث من شدة ما أوصى به الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام".
ويضيف من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم بأن "يأمن الجار جاره، ومن ثم كانت الوصايا على جار الجار، والجار الصاحب، والجار الجنب، وهذه كلها عملت على إشاعة الألفة والمودة بين المسلمين".
لكن اتساع رقعة المساحة الجغرافية للمدن وزيادة الأعداد السكانية يجعلان الميزان مختلفا، وفق جريبيع، فمثلا حاليا يسكن المدينة الواحدة عدد مهول من السكان وتجتمع تحت سمائها شرائح مختلفة من البشر، في جنسيات مختلفة وأعراق متعددة، كل هذا التوسع جعل من الصعوبة معرفة الجار لجاره، أيضا الضغوط المادية أبعدت الجار عن جاره بعدما أصبحت الكماليات في الأساسيات.
ويقول "إن منظومة القيم الاجتماعية تأثرت بفعل الخوف من المجهول وإن الأزمات النفسية والاجتماعية والظروف المعيشية تلعب دورا في إضعاف العلاقات الاجتماعية".
ويبين جريبيع "ما يؤثر على حسن الجوار مجموعة عوامل تتمحور حول ما يتعلق بالذات الإنسانية المعبر عنها بعلم النفس بالأنا، والإنسان تسرقه همومه ومشاكله الشخصية مما يجعله منعزلا ومنفردا"، متابعا حديثه: لو أخذنا الخط العام لمستوى علاقات الجيرة خلال السنوات الخمسين الأخيرة لاكتشفنا تضاؤلا وتباعدا في الارتباطات الاجتماعية، والسبب هو الحياة المادية والظروف المحيطة بالأسرة.
من جانبه يذكر خبير التراث نايف النوايسة أن الأحياء الشعبية وبعض المحافظات ما تزال تحافظ على روح التعاون والحياة الاجتماعية الايجابية، وخصوصا أن بعض القرى تتكون من عدد من العائلات المعروفة وذات صلة قرابة مع بعضها.
ويرى النوايسة أن الناس في القرى "ما تزال تحافظ على روح التواصل"، بالرغم من اختلاف ملامح السكان في هذه الأحياء، والتحولات الكثيرة التي حدثت كوجود السيارات وشبكات التلفاز، وأيضا الهواتف والإنترنت.
ويبدي النوايسة خشيته من "زوال نعمة التواصل بين الجيران بين الأحياء الشعبية"، كما حدث في المدن الكبيرة في الأردن، إذ إن تحول بعض الأجيال المقبلة من الأحياء الشعبية والتواصل الاجتماعي يقتصر على الانعزال أمام التكنولوجيا الحديثة، والاكتفاء بالحديث عن التكافل بين الجيران من باب الدراسة، ينذر "بهدم هذه الأحياء مع غياب اهتمام الدولة، والمؤسسات الأخرى بها". " الغد "



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات