الانتخابات اللبنانية .. بالقراءة الأولى

تم نشره الأربعاء 10 حزيران / يونيو 2009 02:26 صباحاً
الانتخابات اللبنانية .. بالقراءة الأولى
عريب الرنتاوي

المدينة نيوز-

ما الذي يمكن قراءته في نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية ، خارج الأرقام النهائية التي ظهّرت فوز تحالف 14 آذار على ائتلاف المعارضة ، وبفارق 14 مقعدا 10و بالمائة من أصوات المقترعين؟.

أولا: بلوغ الانقسام المذهبي (سنة - شيعة) حدا مذهلا وغير مسبوق: في المقلب الشيعي: أخفق تحالف 14 آذار أخفق في الحصول على أية كتلة تصويتية ذات مغزى في أوساط الشيعة الذين صوّتوا وبنسبه 85 - 09 بالمائة لصالح الثنائي حركة أمل وحزب الله ، وهذا وضع ليس له مثيل في مختلف الطوائف والمذاهب الأخرى ، ويهذا المعنى لم ترتسم معالم القلق على حزب الله بعد الإعلان عن النتائج ـ المفاجأة ، فهو اعتبر أن نجاحه في رفع نسبة إقبال الشيعة على الانتخاب ، في دوائر لا معارك فيها ولا حوافز تدفع لمغادرة المنزل والذهاب إلى "أقلام الاقتراع" نجاحا كبيرا له ، أو على الأقل ، ضمانة كبيرة لخطه وسلاحه ، لكن الأمر الذي لا يجب أن يفوّته حزب الله ، هو أن انتخابات 7 حزيران نزعت رسميا وعبر صناديق الاقتراع ، غطاء الإجماع الوطني عن المقاومة اللبنانية ، وأعادتها إلى المربع المذهبي المحاط بدعم شرائح من الطوائف والمذاهب الأخرى.

في المقلب السني: كرست الانتخابات ظاهرة "الحريرية" كزعامة للطائفة السنية في لبنان ، لا لأن سعد الحريري نجح في زيادة عدد أعضاء كتله النيابية إلى 38 مقعدا (مقعدين إضافيين) فحسب ، بل لأن الصوت السني المعبأ مذهبيا لصالح تيار المستقبل ، حسم المعركة في أكثر من دائرة مسيحية (نكاية بالشيعة وثأرا للسابع من أيار )2008 ، أهمها زحلة التي أحدثت الفارق وأعادت للأغلبية البرلمانية أغلبيتها ، وكان لافتا هذه الإقبال السني الكثيف على الانتخابات حتى في الدوائر التي لا مقاعد مخصصة للسنة فيها ، حيث صبت أصواتهم لصالح مسيحيي 14 آذار ، وهذا حصل نسبيا عند الشيعة كذلك في بعض الدوائر المختلطة.

زعامة الحريري الراجحة على المستوى الوطني ، لا تلغي وجود منافسين أقوياء لها على المستوى المحلي ، فطرابلس وزعت مقاعدها على مرجعيات سنية عديدة (ميقاتي والصفدي) فضلا عن تيار المستقبل ، وعمر كرامي (المعارضة) حصد حصل على 26 بالمئة من اصوات السنة في طرابلس ، وأسامة سعد حصل على 27 بالمئة من اصوات السنة في صيدا ، وعبد الرحيم مراد حصل على 29 بالمئة من اصوات السنة في البقاع الغربي ، وجهاد الصمد حصل على 21 بالمئة من اصوات السنة في المنية - الضنية.

ثانيا: انقسام الصوت المسيحي مناصفة: خسر التيار العوني تمثيله شبه المنفرد للصوت المسيحي عموما والذي تحصّل عليه إثر "تسونامي انتخابات "2005 ، بيد أنه ما زال الصوت المسيحي الأقوى والأهم ، يقف على رأس ثاني أكبر كتلة في البرلمان بعد كتلة الحريري ، وتتكون من 21 مقعدا ، أي بزيادة ستة مقاعد عن البرلمان السابق ، وبلغة الأصوت فإن الجنرال عون الذي كان يدعي تمثيل 70 بالمائة من المسيحيين ، لا يستطيع اليوم إدعاء تمثيل أكثر من نصف المسيحيين ، فيما النصف الثاني موزع على الكتل المختلفة ، ولم يحصل الحزبان المسيحييان الرئيسان المنافسان على الزعامة المسيحية سوى على 10 مقاعد مجتمعين: خمسة لكل منهما ، القوات اللبنانية حافظت على مقاعدها الخمس ، والكتائب رفع عدد مقاعده من مقعدين إلى خمسة مقاعد ، حصل ذلك برغم اصطفاف رئيس الجمهورية والبطريرك الماروني وعشرات الكيانات والشخصيات المسيحية في جبهة واحدة مدعومة بالمطلق من قبل تيار المستقبل والمال السياسي.

ثالثا: سيبقى وليد جنبلاط ، وحتى إشعار آخر ، زعامة مكرّسة للدورز بصرف النظر عن تقلباته وتبدلات تحالفاته. نتائج الانتخابات سجّلت تراجع وزن كتلته البرلمانية من 15 مقعدا إلى 11 مقعدا فقط ، بسبب خسارة بعد الدوائر وتغوّل حلفائه عليه في أثناء إعداد اللوائح الانتخابية ، خصوصا مرشحي الحزبين المسيحيين المنافسين للجنرال عون ، حيث تمت التضحية بحلفاء جنبلاط من المسيحيين لضمان هزيمة التيار العوني وتقليص حجمه التمثيلي ، وقد حصل خصومه ومنافسوه من الدروز على ما يقرب من 30 بالمائة من الصوت الدرزي.

رابعا: ما بعد الانتخابات: انتهى ضجيج الانتخابات وصمتت الماكينات الانتخابية للكتل المصطرعة ، والأرجح أن كافة الأطراف قد دخلت في مرحلة من المراجعة العميقة لما جرى وما سيأتي ، وسط ترجيحات بأن تحالفات ما قبل السابع من حزيران لن تظل على حالها ، وأن الأرقام التي توزع عليها الفائزون والخاسرون ستشهد تغيرات وتبدلات ، وأن ثنائية 14 - 8 آذار مرشحة للفك وإعادة التركيب ، مع أن من السابق لأوانه التكهن بالوجهة التي ستسلكها الأحداث والتحالفات ، خصوصا مع تغير اتجاهات هبوب الريح الإقليمية والدولية ، إذ في الوقت الذي تهب فيه عن واشنطن رياح تتسم بـ"الاعتدال والجنوح للتهدئة" تغذيها محاولات حثيثة لإطلاق عملية سياسية شاملة في المنطقة ، فإن بعض العواصم العربية والإقليمية ما زالت على "هيجانها" ، حيث لوحظ أن ردة فعل الرئيس أوباما على نتائج الانتخابات اللبنانية جاءت أكثر اتزانا وتوزانا من ردات فعل بعض العواصم.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات