اذا عن ذلك الذي تُسّميه اسرائيل «أملاك الغائبين»؟!

المدينة نيوز - في محاضرته القيمة بمنتدى «الدستور» الثقافي ، خَلُص دولة الدكتور معروف البخيت ، الى إنّ المطلوب من اسرائيل في ما يخصُّ «حقَّ العودة» بالنّسبة للفلسطينيين ، هو الاعتراف بأنَّ لهم في ديارهم التي أخرجتهم منها «ممتلكات» «مطوّبة» بأسمائهم ، بمعنى أنّ لديهم وثائق رسميّة صادرة عن «دوائر الطّابو» في العهد العثماني ، وعهد الانتداب ، تؤكّد أنّ تلك الدور ، والاراضي لهم ولابنائهم وأحفادهم من بعد ، وما لم يُسْقط أحدّ منهم هذا الحقّ «بالتنازل أو البيع أو غير ذلك» فستبقى لهم إلى أن يرث الله الأرض وما عليها،عند هذه النُّقطة بالذات ، ينبغي التوقفُ طويلاً ، ومُحاورتًها ، والاشتباك معها من الناحيتين: القانونية ، والسياسيّة في آنْ معًا.. فنقول: إنّ «اسرائيل» أصلاً لا تُنكر هذا الحقّ حتى الآن ، ولديها ما يُسّمى بحراسة أملاكً الغائبين ، وهي تتقاضى عن المنازل الفلسطينية التي أسكن الاحتلالُ فيها «يهوداً» من كل جهات الأرض ، تتقاضى «بدل ايجار».. ولا أعرف الى أين يذهب هذا «البدل» ، ولا أُريد أن أعرف،ثمة تقصيرّ عربيّّ كبير بكلّ تأكيد إزاء هذه المسألة تحديداً ، وقد أشار إليه الدكتور البخيت بوضوح ، مثلما أشار بالطّبع إلى جملة من «التقصيرات» في جوانب أخرى.. سأترك للقراء الاطلاع عليها عندما تنشر «الدستور» نصّ المحاضرة بالكامل.. ولكنني فقط أردت الحديث عن هذه «الجُزْئيّة» التي أعتبُرها مًفْصلاً رئيساً من مفاصل «القضية الفلسطينية» برّمتها.. وهي تتعلّق بحقّ «الاعتراف بالحق» ، الذي يؤدّي بالضرورة إلى حق الاعتراف ، بحقً العودة ، و ـ أو التعويض ، كما نصّت عليه ما يُسمى «بالشرعية الدولية»،أذكر لقاءً أجرته احدى الفضائيات العربية معي قبل عامين ، أو أكثر ربّما.. حين قلت للمذيع اللبناني: لو افترضْنا جدلاً أنّ اللبنانيين المهاجرين في الخارج الذين يبلغ عددهم أكثر من ستة ملايين منتشرين في كل أنحاء الدنيا ، قرروا العودة الى لبنان ، دفعةً واحدة ، فهل يمكن أن يتسع هذا البلد الصغيرُ بمساحته ، لهم إذا ما انضمّوا الى الملايين الستة الاخرى المقيمة فيه؟، فأجابني وقتها: طبعاً مستحيل.. وأضفت انا الى سؤالي ، سؤالاً آخر: هل يستطيع احدّ في لبنان ان يمنع مجيء هؤلاء في اي وقت؟ فأجاب بالنفي.. وعند ذلك قلتُ: هنا مربط الفرس، فما دامت اسرائيل لا تُنكر ان «أملاك» الغائبين ، هي أملاك للفلسطينيين ، فان ذلك يعني انها تعترف - على الاقل - بأنها ليست صاحبة تلك الاملاك ، وهي لم تنكر ذلك في يوم.. وعليه ، ينبغي البدء من هذه النقطة التي أشار اليها الدكتور معروف ، ونُشير اليها نحن في هذه العُجالة.. ببساطة شديدة ، ومن غير ضرورة للفلسفة ، والذهاب بعيداً في التحليل الذي يُصدّع الرؤوس.. لتعترف اسرائيل مثلاً بأنّ لهذا المدعو (فلان الفلاني) بيتاً في حيفا أو يافا ، او اي مدينة او قرية فلسطينية ، اجبرناه على مغادرته بالقوة والبطش ، وان له حقاً على هذه الارض (التي تُسمّيها اسرائيل).ولكنّه لا يستطيع العودة اليها بسبب ضيق المكان ، أو غيره.. ولها عليّ انا شخصياً أن لا ازعجها في القُدوم الى هناك ، لا لأنّ لي (وطناً بديلاً) كما تدّعي.. بل لانني لا أحتملُ رائحة الدّم التي تفوح من «غرفة نومي» التي قتلوا فيها اكثر من أخ لي ، او اخت ، او عمّ او خال..المهمّ ان تقول لي: هذا بيتك أنت ، وأنا أحتله بالقوة ، وبيننا كلُّ ما سيأتي من أيام،محاضرة الدكتور البخيت تستحق القراءة والتأمّل.. فشكراً له ولمنتدى الدستور.