قناة البحرين.. اعتراض فلسطيني في محله

فوجئ الاردن باعتراض الحكومة الفلسطينية على مشروع قناة البحرين وتهديدها باللجوء الى مجلس الامن ومحكمة العدل الدولية لوقف المشروع.
موقف الجانب الفلسطيني جاء في سياق اعتراضه على خطط اسرائيلية لمصادرة 139 الف دونم من الاراضي الممتدة حتى البحر الميت وضمها لمستوطنة معاليه ادوميم. واعتبر الفلسطينيون هذه الخطة بمثابة ضربة قاصمة لامكانية اقامة دولة فلسطينية مترابطة لانها تفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها وتحرم الفلسطينيين من حقوقهم في مياه نهر الاردن. وعندها يصبح مشروع قناة البحرين الذي يربط البحر الاحمر بالميت بلا معنى او فائدة بالنسبة للشعب الفلسطيني.
وزير المياه والري رائد ابو السعود يقرأ الخطوة الفلسطينية في سياق صراع سياسي بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي.
تحليل ابو السعود صحيح في هذا الجانب فالصراع ما زال قائما بين الطرفين لا بل مع العرب جميعا وهو سياسي بامتياز والجانب الاردني معني به خلافا لما يرى وزير المياه الذي قال ان الجانب الاردني غير معني بهذه التصريحات.
فكرة مشروع قناة البحرين انبثقت من عملية السلام كمشروع مشترك وثمرة من ثمار السلام وتولت الاطراف الثلاثة »الاردن, اسرائيل, والسلطة الفلسطينية« العمل على انجاز دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروع بالتعاون مع البنك الدولي, لكن مع تعثر عملية السلام وفشلها وتباطؤ البنك الدولي في تقديم المساعدة او التمويل عمل الاردن وعلى خط مواز على دراسة لانجاز المشروع بشكل منفرد ليكون مشروعا اردنيا بامتياز«.
شكك خبراء محليون واطراف دولية بقدرة الاردن على انجاز قناة البحرين منفردا وتوفير التمويل اللازم له. ورأى هؤلاء انه ومن دون موافقة اسرائيلية وفلسطينية ودعم امريكي لن يرى المشروع النور. وزارة المياه قالت انها حصلت على موافقة من الحكومة الاسرائيلية السابقة. لكن بعد فوز اليمين في اسرائيل تغير كل شيء.
الثابت لغاية الان ان المشروع سواء كان اردنيا خالصا ام اقليميا فانه لن يتحقق في السنوات العشر المقبلة او العشرين من دون تفاهم اقليمي ودولي حوله.
والاهم من ذلك ان تنفيذ المشروع قبل ان يتحقق السلام العادل والشامل في المنطقة امر يستحيل تصوره.
الاردن يواجه ازمة مائية خانقة وما نشهده هذا الصيف يؤشر على تفاقم العجز المائي, ومشروع الديسي الذي بوشر بتنفيذه لن يساهم بشكل فعال في تخفيف العجز في الموازنة المائية. كل هذا صحيح ومهم ويستدعي اجراءات استثنائية لضبط وترشيد الانفاق المائي والمحافظة على المصادر الجوفية والسطحية. لكن على المسؤولين ان يتعاملوا مع موضوع قناة البحرين باعتباره موضوعا سياسيا وليس فنيا, لا يمكن عزله عن قضايا الحل النهائي المترابطة مع بعضها بعضا. لقد قبل العرب بتحويل الصراع الشامل مع اسرائيل الى مسارات قطرية منفصلة فاستفردت اسرائيل بكل طرف وحصلت على معاهدات واتفاقيات لانهاء حالة العداء من دون ان يتحقق السلام الشامل. علينا ان نستدرك هذا الخطأ في اي مفاوضات مقبلة على قضايا الحل النهائي ولا نسمح بتجزئتها الى ملفات تسوى بمعزل عن بعضها.
ومن حق الفلسطينيين ان لا يقبلوا مشاريع مائية او اقتصادية مشتركة على حساب قضيتهم وقضيتنا الاساسية وهي رحيل الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
تنفيذ قناة البحرين قبل تحقيق الحل العادل امر غير ممكن فلا مبرر لاضاعة الوقت في الاجتماعات بشأنها وانفاق الاموال ورفع سقف التوقعات.