حين يصبح القتله ابطالا!

تم نشره الثلاثاء 21st تمّوز / يوليو 2009 10:23 صباحاً
حين يصبح القتله ابطالا!
نضال منصور

من المعيب أن لا ينحاز الإعلام لضحايا "جرائم الشرف"  فينصفهن  ويحشد المجتمع للتصدي للقتلة وفضحهم.

 محزن ومخجل تلك الأنباء التي تكشف عن مزيد من ضحايا مسلسل القتل الذي يطلق عليه "قضايا الشرف".

 ونفجع بخبر عن زوج يضرب زوجته حتى الموت لأنها لم تتنازل له عن أرض تملكها، ويحتدم جدل فقهى ومجتمعي عن فحص "العذرية"!

 نحن في القرن العشرين ولسنا في زمن الجاهلية، وفي بلد يتباهى بعصريته وحداثته وسيادة القانون فيه، ولا أفهم كيف يستقيم هذا المنطق مع هذه الأحداث، سوى أن سكوتنا عما يجري يصل حد التواطؤ وأن التخلف المجتمعي الذي يسكن عقولنا يصل حد  الكارثة!

 المدهش في الأمر أن هناك من يحاول أن يقلل من حجم المشكلة بالقول أن المنظمات النسائية والدولية تبالغ في الامر وتسعى لتشويه صورة مجتمعنا وأن جرائم الذبح تحت غطاء الشرف لا تتجاوز 15 حالة سنوياً وليست صحيحة الأرقام التي تدعي أنها تتراوح بين 20 إلى 25 حالة سنوياً تعرف ويعلن عنها.

 ولا أريد أن أدخل في لعبة الأرقام، فهؤلاء بشر من دم ولحم ومشاعر وقطرة دم واحدة تستباح منهن يجب أن يفزع لها الجميع لا أن نظل في سبات عميق ندفن الرأس في الرمل ونغمض العيون عن هذه الجريمة.

 الاتهامات التي تروج من القتلة عن النساء اللواتي يذبحن بحجة الشرف افتراءات عارية عن الصحة، والتقارير الموثقة حتى من الطب الشرعي الأردني تكشف أن 80% من الضحايا كن "عذراوات".

 ولا تتوقف حدود الكارثة المجتمعية عند ذلك، فهناك العشرات من النساء يقبعن منذ سنوات خلف قضبان السجن حماية لهن من القتل، وبشاعة القضية تلخصها ما قالته بعض النساء لمنظمة هيومن رايت واتش "سنبقى في السجن إلى أن يموت أقاربنا الذين يهددوننا بالموت او يجري إبعادنا خارج البلاد".

 أين الدولة .... وأين الأمن ..... وأين القانون ... وكيف لا نستطيع أن نحمي هؤلاء من القتل فنختار أسهل الطرق وهو زجهن بالسجون إلى أن يقضي الله أمر كان مقضياً؟!

 العلة التي لا يمكن إخفاؤها تكمن في التشريعات القانونية التي تفتح ثغرة للقتلة للإفلات من العقاب الرادع، وكل السجالات القانونية بما فيها المواقف البرلمانية لا تخرج من تحت عباءة وإرث القبيلة الجاهلي الذي ينظر ويتعامل مع المرأة بشكل دوني لا يجد فيها إلا جسدا وعورة مهما كانت مساحيق التجميل التي يضعها.

 المظلة القانونية التي يلجأ لها القتلة ويستفيدون منها، وتقوي شوكتهم بعض القرارات القضائية تستند إلى أن جريمة القتل تمت تحت تأثير "سورة الغضب"، فإن أقر القضاة بذلك تحولت العقوبة من الإعدام أوالمؤبد إلى السجن ستة أشهر.

 كذب وخداع ما يحدث ... قتلة يخططون لجرائمهم ويذبحون بدم بارد فنعفيهم من مسؤوليتهم لأنهم "غاضبون". وشقيق يريد أن يستولي على ميراث شقيقته وحين ترفض يقتلها تحت سورة الغضب، وآخر يتباهى بعلاقاته النسائية ليلاً ونهاراً وحين يسمع همساً أن شقيقته تحدثت بالهاتف مع زميلها أو رآها تمشي بالجامعة أو بالحي مع شاب ينقض ليقتلها دفاعاً عن شرفه الذي لوث ... فهو غاضب والغاضب لا يؤثم ... وهي شقيقته ومن حقه أن يحاسبها وينفذ قانونه بيديه!

 يخرج القتلة أبطالاً بعد أشهر من السجون فلا ينبذهم المجتمع بل يكافئهم، وتصبح الضحايا أرقاماً وقصصا منسية ونظل عاجزين رغم مرور السنوات ومئات الجرائم عن فعل شيء سوى زج النساء بالسجون أو تزويجهن عنوة رغم انهن ضحايا اعتداء جنسي.

 من المعيب أن لا ينحاز الإعلام لهذه القضية فينصف الضحايا ويحشد المجتمع للتصدي للقتلة وفضحهم.

 الحكومة إذا لم تعالج هذا الواقع المأساوي ستكون متواطئة ومتهمة لأنها تمرر كل ما تريد من قوانين وأنظمة وإجراءات فلماذا تعجز وتقف مكتوفة الأيدي!

 أما البرلمان الذي أفشل قبل ذلك تعديلاً تشريعيا لوقف هذه المذبحة فندعو الله أن يصحو ضميره ويتحرك ليوقف هذا المسلسل الدموي قبل فوات الأوان!

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات