الحركة الاسلامية.. الاشكالية مستمرة؟
ظرياً لم تستطع بعد الحركات الإسلامية قطع شوط كاف في حل الإشكاليات النظرية أو الجدلية بين الإسلام والديمقراطية كما لم تفصح بعد عن حدود مشروعها السياسي، فهناك عدد من الأسئلة على الإسلاميين المعتدلين او الحركات الاسلامية ''الديمقراطية'' ان جاز التعبير الإجابة عنها واولها ما هو النموذج الديمقراطي الذي تقبل به او تطرحه، وما حدود تطبيق هذه الحركات للديمقراطية داخل ابنيتها؟ وما هي المواضيع التي يمكن أن تشترك وتختلف الديمقراطية الإسلامية فيها مع غيرها. وما هو حقيقة دورها ان وجد في تعزيز عمليات التحول الديمقراطي في المنطقة. والاهم ما هو حدود مشروعها السياسي ان وصلت الى السلطة؟. بخلاف ذلك سيتمر الجدل سلبيا حول الحركة الاسلامية في الاطار والتطوير السياسي العربي، ومن شأن ذلك ان يعيق عملية الاندماج الديمقراطي بين كافة المكونات السياسية من جانب ومع الدولة من جانب اخر، فالتغير الايجابي لبعض الحركات الإسلامية تجاه الديمقراطية او استخدام بعض تطبيقات الديمقراطية داخل ابنيتها ومشاركتها في الاليات الديمقراطية العامة داخل الدول او اقتناعها المرحلي بضرورة الديمقراطية للمجتمعات لا يعني انها اصبحت ديمقراطية.
اضافة الى ذلك يرى اتجاه عريض ان التيارات الاسلامية بممارستها بعض الافعال الديمقراطية ومشاركتها بالعملية السياسية العامة انما تلعب لعبتها وفق قواعد النظام السياسي والاجتماعي الراهن لكن هدفها يتمثل في تحويله ابتداء من القاعدة وانطلاقا الى الاعلى اي انها تهدف الى اقامة مجتمع مدني منفصل عن الدولة العلمانية ومتعايش معها ولكن مع العمل التدريجي على توسيع نطاق الميدان الاسلامي الى ان يشمل الدولة ذاتها، وهذا ما يمكن ان يطلق عليه تقية سياسية.
يدعم ذلك ان الحركات الاسلامية في الواقع العربي تبحر في بيئة مختلفة عن بيئة الحركات الاسلامية على الاقل تلك الموجودة في المحيط الاقليمي ان من حيث الاهداف او من حيث حدود مشروعها السياسي او في موقعها من العملية السياسية او من حيث شكل النظام السياسي القائم واستقرار هوية الدول كل ذلك بالمقارنة او بالنظر الى مدى استقرار هوية الدولة العربية وترسخها وموقف الحركة الاسلامية من هذه الهوية.
عربيا وعلى عكس تجربة الاقليم مثل تركيا وايران اللتان استقرت هوية الدولة فيهما ولم يعد بالامكان تغيرها دون ثورة شاملة تأتي على كافة البنى والتقاليد والمؤسسات وهذا غير مقدر له الحدوث في الدول المستقرة في جانب هويتها وتعدد تياراتها السياسية ومؤسساتها. تركيا دولة علمانية وفيها احزاب ذات خلفيات دينية لكنها لا تهدف ولا تستطيع ان تغير هوية الدولة العلمانية، وفي ايران دولة اسلامية شمولية جاءت بعد ثورة شاملة والتنافس بين تياراتها السياسية محكوم باتجاه واحد. وهذا في الحالتين غير متوفر عربيا لان الظن عربيا يتزايد بان الحركات الاسلامية في حال وصلت الى السلطة ستسعى الى تغيير الطابع العام او الراهن للدولة واسلمته ابتداء من المظاهر العامة الى القوانين والتشريعات ومن ضمنها ما تعلق بالعملية الديمقراطية ذاتها، والحركة الاسلامية لا تعلن ولا تقدم شيئاً باسثناء الاسلام هو الحل؟ ومما يزيد الاشكال ايضا انه لا توجد تيارات او احزاب سياسية مدنية رشيدة في الساحة السياسية تحظى بالقبول الواسع وتحقق نوعاً من التوازن لانها اصلا غير موجودة، هناك احزاب لكنها ليست مدنية وديمقراطية ورشيدة بحيث يمكن لها ان تحقق نوعا من التوازن مع التيارات الاسلامية الديمقراطية، فلا هذا ولا ذلك يتمتع بمساحة اوسع بعيدا عن سيطرة الدولة.
الاشكالية موجوده وستظل قائمة عربيا لكن اسبابها لا تقتصر فقط على الحركة الاسلامية وانما ايضا في عدم ترسخ طابع او هوية الدولة العربية بصورة مستقرة للجميع وغياب التيارات المدنية الرشيدة والتقاليد الديمقراطية الثابته. فالى الان الحركة الاسلامية في الواقع العربي تقدم تساؤلات وتثير الشكوك اكثر مما تقدم من اجابات وتطمينات طالما انها لم تحدد ماهية وحدود مشروعها السياسي بعيدا عن أي تقية سياسي