في ذكرى ثورة 23 يوليو

تم نشره الخميس 23rd تمّوز / يوليو 2009 11:54 صباحاً
في ذكرى ثورة 23 يوليو
عريب الرنتاوي

 

 

نسعد حين نرى مئات الشخصيات الأردنية ، من مختلف المشارب والاتجاهات ، المواقع والمواقف ، المنابت والأصول ، رجالا ونساء ، يؤمون بيت السفير المصري ، لا لتبادل عبارات المجاملة اللطيفة معه فحسب ، بل للاحتفاء معه ومع إخوانه من طاقم السفارة بالعيد الوطني المصري ، عيد ثورة يوليو 1952 التي قادها الزعيم المصري العربي الراحل جمال عبدالناصر ، فلمصر مكانة خاصة في قلب كل واحد منا ، وهي ستظل كذلك برغم تقلب السياسات والحكومات ، وتعاقب الأيام والحكام وصروف الدوهر ، فما صنعه التاريخ والجغرافيا ، لن تبدده أو تمحيه - جملة معترضة - هنا أو "خروج عن النص" هناك.على أن وسائل الإعلام حملت لنا خلال الساعات الأربع والعشرين الفائتة غصتين في القلب: الأولى ، بنقلها عن الرئيس المصري حسني مبارك من باريس قوله أنه لم يلمس "تغييرا ملموسا" في الموقف السوري حيال لبنان... والثانية ، بنسبتها إلى وزير خارجيته أحمد أبو الغيط رفضه قيام فرنسا بفتح حوار مع حماس ، باعتبار أن خطوة من هذا النوع ، ستعمق الشرخ الفلسطيني بدل أن تجسّر فجواته.كلا التصريحين مؤسفان ، ويمكن تفسيرهما على أنهما "تحريضا صريحا" على سوريا وحماس ، ودعوة للاستمرار في فرض العزلة والمقاطعة عن لاعبين رئيسين: الأول على المستوى القومي ـ الإقليمي ، والثاني على المستوى الوطني الفلسطيني ، وهذا أمر لا يليق بمصر ولا بمكانتها في قلب العالم العربي ، وكنا نفضل لو أن الدبلوماسية المصرية لاذت بالصمت الذي هو فضيلة في ظروف كهذه ، على أن تنطق بما نطقت به.كل العالم يعرف ويعترف بأن دمشق لعبت دورا إيجابيا في لبنان ، أقله منذ الدوحة وحتى الانتخابات وما بعدها ، ولقد قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بأن الأسد أوفى بكل التزام قطعه على نفسه حيال لبنان ، وزار دمشق تعبيرا عن التقدير لهذا الموقف ، وكذا قالت وفعلت روسيا وتركيا والاتحاد الأوروبي الذي يغذ خطى الشراكة مع سوريا ، وكذا الحال بالنسبة لتيار المستقبل ووليد جنبلاط وجزء رئيس من قوى 14 آذار ، بمن في ذلك عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ذاتها.حتى الولايات المتحدة ، شرعت في حوار مع دمشق ، صحيح أن هناك تحفظات أمريكية ما زالت ماثلة على السياسة السورية ، بيد أنها في تراجع مستمر بدلالة أن الحوار الثنائي من حيث مضمونه ومستواه في تقدم مستمر. ثم أن الطريق بين دمشق والرياض سالكة ومعبدة في الاتجاهين ، وقبلها كانت كذلك الطريق بين عمان ودمشق مرورا بترسيم الحدود بين البلدين.لماذا إذن ، تأخذ القاهرة على نفسها وزر الاستمرار في التحريض على دمشق سواء في الملف اللبناني الذي قال الرئيس المصري أن تغييرا ملموسا لم يطرأ على الموقف السوري حياله ، أو على الصعيد الفلسطيني حيث أبدى الوزير أبو الغيط تحفظا شديدا في الإجابة على سؤال عن دور سوريا في مسألة المصالحة الفلسطينية الداخلية ، ولا أدري كيف كان الأداء السياسي المصري ليكون لو تبدلت المواقع ، هل كانت الدبلوماسية المصرية ستسهل مهمة "الوسيط السوري" للحوار والمصالحة الفلسطينيين ، هل كانت لتظهر "إيجابية" أعلى من تلك التي أظهرتها سوريا حيال الدور المصري؟،.أما بخصوص حماس ، فلا أدري لماذا يفضي انفتاح العالم على الحركة إلى تعميق الانقسام بدل تبديده ، وفقا ما قاله الوزير المصري ، ألا يفضي انفتاح العالم على الحركة إلى تدوير الزوايا في مواقفها ، ألا يسهل ذلك مهمة الحوار والمصالحة بدل أن يعقدها ، هل المطلوب المضي في سياسة "خنق الحركة بلا رحمة" حتى ترفع الراية البيضاء لخصومها في الداخل الفلسطيني أو على مستوى الصراع القومي مع إسرائيل؟...هل هو الحرص على الوحدة الوطنية أم التبني غير المشروط لمواقف فريق من الفلسطينيين ضد فريق آخر وعلى حسابه ، هل هكذا يكون دور الوسيط ، كيف ستتصرف حماس حيال الوساطة فيما الوسيط يحض العالم على مقاطعتها وعزلها وعدم الحوار معها...أين النزاهة والوقوف على مسافة واحدة من الجميع إلى غير ما هنالك من شعارات يرددها على مسامعنا دبلوماسيون مصريون.وأخيرا ، هل تخشى الدبلوماسية المصرية على الوحدة الوطنية الفلسطينية من انفتاح العالم و(فرنسا) على حماس ، أم أن خشيتها تذهب في اتجاه آخر: الخشية من انفتاح مماثل على الإخوان المسلمين ، صنو حماس و"نظيرها" المصري؟..سؤال مشروع في ظل انعدام المنطق في تبرير الوزير لمناهضته حوارا فرنسيا - حمساويا.نأمل ، ونحن في غمرة احتفالات يوليو وعيد مصر المجيد ، عيد الأمة بأسرها ، أن تأخذ الدبلوماسية المصرية من هذه المناسبة ، فرصة لإعادة النظر في مقاربتها للعديد من الملفات ، من رفح والمعابر إلى الحوار والمصالحة وانتهاء بسوريا وإيران وعطفا على بقية ملفات المنطقة وأزماتها ، فقد اشتاقت شعوبنا لدور مصري فاعل وحاسم ، وهي تتطلع لليوم الذي تستعيد فيه الدبلوماسية المصرية ألقها ، وأن تعاد للخارجية صورتها الراسخة في أذهاننا جميعا ، كقلعة من قلاع العروبة التقدمية وجسر لدور مصري عابر للجغرافيا والمحاور وحسابات الداخل الضيقة



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات