احتلال مريح وحركة سياسية من دون مردود

وَصْفُ الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية بأنه احتلال مريح هو لكاتب اسرائيلي في صحيفة هآرتس, حيث يتساءل عن الاسباب التي ستجبر نتنياهو على الرضوخ للضغوط الامريكية, ما دام الاسرائيليون لا يشعرون بتحمل اية اعباء نتيجة احتلالهم, انه احتلال مريح. وأُضيفُ بتساؤل آخر: لماذا ايضا سيشعر نتنياهو بانه مجبر على التراجع عن برامجه التهويدية والاستيطانية ما دامت الحركة السياسية المضادة من دون اسنان ومن دون فعالية. وعلى العكس هناك مردود جيد بدل المقاطعة والحصار.
احد الامريكيين العرب الذي زارني, قال سترون ان اوباما هو الاكثر اخلاصا لاسرائيل, حتى اكثر من سلفه بوش. مستشهدا بجواب الرئيس الامريكي عندما سئل ان كان سيمارس ضغوطا على حكومة نتنياهو بسبب معارضتها مطالبته بوقف الاستيطان, فقد نفى اوباما نيته استخدام اي نوع من الضغوط على الحكومة الاسرائيلية.
اكثر من ذلك, نشرت الصحف الامريكية هذا الاسبوع ان اوباما قرر رفع المساعدات العكسرية الى اسرائيل في العام المقبل بمبلغ 200 مليون دولار اضافية بحيث تصبح 2775 مليونا بعد ان كانت ,2550 وذلك في اطار عزمه على تنفيذ وعده الانتخابي امام اللوبي الصهيوني بتقديم 30 مليار دولار مساعدات اضافية الى اسرائيل.
وفيما الغت بريطانيا خمسة تراخيص بتصدير اسلحة الى اسرائيل من باب الضغط عليها لوقف الاستيطان, فان وزير الدفاع الامريكي غيتس كان في زيارته الاخيرة يضع اللمسات الاخيرة على شبكة الدرع الصاروخية (الامريكية- الاسرائيلية) لمواجهة ايران.
اذن, الوضع الراهن هو, احتلال مريح+مساعدات امريكية سخية لاسرائيل, مصحوبة بوعود بعدم ممارسة اي ضغوطات على حكومة نتنياهو لثنيها على وقف الاستيطان, والسؤال هو: ماذا يفعل ميتشل في جولته الخامسة بالمنطقة?
الجواب لا يحتاج الى قراءة الفنجان, فسيُحوّل ضغوطه على الجانب الضعيف (الفلسطيني-العربي) من اجل تحقيق خطوات يعلن على ضوئها ان مهمته تتقدم والواقع انها تتراجع ولا تحرز شيئا. فالاحتلال باق, وحصار غزة مستمر, والاستيطان والتهويد في ذروة النشاط.
مرة اخرى, نكتشف بان (المأساة) تكمن في الموقف العربي لا في موقف اوباما او حتى نتنياهو, هذا النظام العربي هو الذي يقود الامة الى الضياع والى حظائر الخنازيز, والمصيبة ان ادعاءات هذا النظام بانها تعمل وتتحرك من اجل القضية الفلسطينية لا تتوقف, فيما الواقع يؤكد انها تعيش وهم الحركة.
وحتى لا اكون متجنياً ادعو القارئ لمتابعة الحركة السياسية الدولية ومقارنتها بالحركة السياسية العربية. على مدى الاسبوع الاخير وقبله, اعلنت معظم دول العالم شجبها للاستيطان, فرنسا استدعت السفير الاسرائيلي واحتجت, دول الاتحاد الاوروبي وسولانا اعلنوا مواقف طيرت عقل نتنياهو, روسيا فعلت ذلك, فماذا فعلت العواصم العربية?
لا شيء غير الاستعداد لتوفير اللحوم والقطايف من اجل رمضان المبارك, وكان اقل ما يجب ان تفعله هو ان تتوجه الى مجلس الامن لطلب جلسة عاجلة لبحث الاستيطان وتحدي اسرائيل للقانون الدولي مستغلة مواقف 4 من 5 من الدول الكبرى الدائمة العضوية, الرافضة للاستيطان, جلسة مثل هذه حتى لو انتهت بالفيتو الامريكي, ستنجح في اثارة القضية على المستوى الكوني وتوجيه الضغوط على واشنطن وتل ابيب.
لا شيء من هذا تفكر الدول العربية بفعله, فحصادها السياسي من دون مردود وتجارتها دائما خاسرة!.0