حتى لا تفهم مكافحة الفساد بانها "ضحك على اللحى"

بنهم شديد، يتابع المواطن الاردني حراك النخب في مواقع المسؤولية تجاه مكافحة الفساد. فهذا الموطن الذي اكتشف متأخرا انه كان فريسة سهلة لكل من حاولوا اغتيال خصومهم لم يعد كذلك يوم تقرر تشكيل مديرية مكافحة الفساد في دائرة المخابرات وبعدها هيئة مستقلة تضم في جنباتها شخصيات مشهود لها بالنزاهة والامانة.
صحيح ان مقاييس الفساد عند المواطن اختلفت نتيجة تطور ادوات مكافحته خاصة فيما يتعلق بتجاوزات من يسميهم بالكبار، الا ان قناعته بجدية القضاء على هذه الظاهرة لا زالت مهزوزة.
واهتزاز الصورة لها اسبابها، فثقة المواطن العادي بجدية مكافحة الفساد مرهونة بسلوكيات من يتعامل معهم مباشرة من موظفي المؤسسات الخدمية، وليس القائمين عليها.
فان يطلب موظف في مؤسسة خدماتية "اكرامية"، وهي الرشوة، مقابل توصيل خدمة هي اصلا من حق المواطن، فهي كفيلة بان تشكل قناعة شعبية بان مكافحة الفساد "ضحك على اللحى".
وفي المقابل، لا ننكر ان المواطن نفسه يلعب احيانا دورا مهما في تشجيع هذا الفساد، وذلك حينما يبحث عن منقذ لانهاء معاملة فيها من المخالفات التي تكلفه مبلغا طائلا لازالتها، فيلجا الى اصحاب النفوس المريضة لانجازها بالطرق الملتوية.
ولان الحفاظ على المال العام من اجل المواطن ولقمة عيشه وكرامته، هدف مكافحة الفساد، فحري بالذين حملوا هذه الامانة بان يكون لهم " مكافح خفي" تماما مثل "المتسوق الخفي" الذي يقيم اداء المؤسسات.
تركيز مكافحة الفساد في اسفل الهرم المؤسسي، لا يعزز مصداقية الجهود المبذولة في هذا الجانب فقط، فقد يكون حلا لكثير من مشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية التي تغذي سرا ما نحاول ان نخميه من المتربصين بنا.