ما بعد مؤتمر فتح السادس.. مصير حكومة رام الله

تم نشره الثلاثاء 11 آب / أغسطس 2009 05:49 مساءً
ما بعد  مؤتمر  فتح السادس.. مصير حكومة رام الله
عريب الرنتاوي

سنفترض أن مؤتمر فتح السادس ، أضاف زخما وأعطى قوة دفع إضافية لحركة فتح ، وبصورة لم يعد ممكنا معها ، الاستمرار في تجاهل دورها داخل السلطة والمنظمة ، من قبل "مستقلين" من رجال المال والمصارف أو يساريين سابقين ، الأمر الذي يحدونا للاعتقاد (وربما للأمل) بأن سيناريو ما بعد المؤتمر ، لن يحمل أنباء سارة لحكومة تصريف الأعمال ولا لأمانة سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

لقد تولد عن غياب فتح وضعفها وتفككها واصطراعها ، نشوء "فراغ قاتل" في مؤسسات السلطة والمنظمة ، ما أعطى أشخاصا لا وزن شعبيا أو إرث تاريخيا لهم ، للاضطلاع بأدوار لم تراودهم يوما حتى في أجمل مناماتهم ، وأفضى الالتباس وانعدام الثقة اللذان ميزا العلاقة بين عباس وفتح ، وأديا إلى ضيق الرئيس بالحركة وحذر الأخيرة من الأول ، إلى تعظيم أدوار هؤلاء وتوسيعها إلى الحد الذي تهدد دور فتح بالتلاشي والاضمحلال ، وأشاع مناخات تسمع بالاعتقاد بأن حركة فتح باتت جسما بلا رأس ، وأن ثمة "مؤامرة" تستهدف تركيب عدد من الرؤوس على هذا الجسم العريض ، من خارجه وبالضد من إرادته ، وهو ما لم يحصل للطف الله ورعايته.

اليوم بعد مؤتمر بيت لحم ، تبدو الصورة مختلفة بعض الشيء ، الرئيس عباس خرج كمنتصر أكبر حتى لا نقول منتصر وحيد من المؤتمر ، وحركة فتح أعيد توحيد معظم أجنحتها تحت لواء "تيار السلطة" فيها ، والدماء الجديدة التي ستجري في عروقها ، يريد أصحابها البحث لأنفسهم عن موطئ قدم في السلطة والمنظمة ومؤسسات صنع القرار والقيادة ، وثمة من المعلومات ما يفيد بأن القناعة بدأت تتولد لدى أطراف واسعة ، بأن استمرار تجاهل فتح وتهميشها وشراء كوادرها ومناضليها قد لا يستمر طويلا ، وهذا أمر جيد على أية حال.

على أن الأهم من مستقبل حكومة تصريف الأعمال ، هو مستقبل منظمة التحرير الفلسطينية ، فالتحدي الذي تواجهه فتح بعد مؤتمرها السادس ، هو "تحرير" المنظمة من قبضة خاطفيها ، وإعادة الاعتبار لهياكلها السياسية والتنظيمية ، وفتح أبوابها من جديد لرياح المشاركة على اتساعها وتنوعها ، فمعيار جدية البرنامج السياسي لفتح ولكل ما تضمنه من بنود حول وحدة الشعب الفلسطيني والمشروع الوطني الفلسطيني ومستقبل اللاجئين وحقوقهم ، متوقف على الكيفية التي ستدير بها فتح ملف إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية.

ولأن هذا الملف ، مرتبط ومتلازم مع ملف الحوار والمصالحة وإعادة توحيد شطري الوطن الفلسطيني المحتل (الضفة) والمحاصر (غزة) ، فإن حركة فتح مطالبة بعد المؤتمر ، أكثر مما كانت عليه قبله ، بإيلاء مسألة الحوار والوحدة الوطنية الأهمية التي تستحق ، وعدم ترك هذا الملف في يد "تيار التفتيت والانقسام" النافذ في صفوفها وصفوف السلطة والمنظمة ، وفي ظني أن هذا واحد من أبرز التحديات التي تواجه فتح ما بعد المؤتمر السادس ، وأحد معايير الحكم على جدية برنامجها السياسي الذي استعاد تحت ضغط "شبحي حماس وأبو اللطف" وتحت إكراه "التيار المناضل" داخل الحركة ، بعض بريقه المسفوح على مذبح "المفاوضات حياة" و"لا بديل عن المفاوضات سوى المزيد منها".

قلنا أثناء انعقاد مؤتمر فتح ، ونقول بعده أو بالأحرى في خواتيمه ، أن العبرة ليست في الكلمات التي سيصاغ بها البيان الختامي أو البرنامج السياسي للحركة ، فهذا يمكن أن يكون متسقا مع الحد الأدنى من تطلعات شعب فلسطيني وطموحاته وهذا ما حصل بالفعل ، العبرة في قدرة فتح على ترجمة هذا الأقوال والكلمات إلى برامج وخطط عمل ، إلى سياسات وممارسات ، العبرة في قدرة فتح على تخليق الديناميكيات التي تجعلها حاضرة كحركة في مؤسسات صنع القرار ، لا أن يظل قرار هذه المؤسسات حكرا على حفنة من الوجوه المستهلكة ، وغالبيتها من خارج فتح.

والحقيقة أن تصريحات الناطق باسم مؤتمر فتح نبيل عمرو التي طمأن فيها الإسرائيليين إلى "سلامة" الخط السياسي لفتح ، ودعاهم لعدم الالتفات إلى عبارات المقاومة والكفاح المسلح في كلمات المؤتمر ووثائقه ، تدعونا للقلق وتسيء لفتح والمؤتمر والمؤتمرين على حد سواء ، لكأن الناطق باسم المؤتمر يبشرنا بأنه كلام ليل سيمحوه النهار ، وأن حال فتح والسلطة والمنظمة سيظل على حاله بعد المؤتمر وقبله ، لكأن هناك من يريد إعادتنا دائما إلى المربع الأول.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات