بشر يتفرجون على مصائرهم!

تم نشره الأربعاء 26 حزيران / يونيو 2013 01:47 صباحاً
بشر يتفرجون على مصائرهم!
خيري منصور

مرّ العالم العربي خلال فترات الانحطاط والتردي بأسوأ مما يحدث الان، احتلالا واحترابا اهليا وصراع طوائف ومذاهب، لكن الجديد بل الطارئ على هذا العالم العربي هو اللامبالاة والعدمية الفكرية والسياسية، فهو مستغرق في شجون صغرى، وتضخمت فيه الانانية الفردية الى الحدّ الذي حول ملايين البشر الى مجرد متفرجين على مصائرهم تحت المطرقة، وعلينا لكي نقرأ هذا الواقع ان نتخطى القشرة الملونة الهشة التي تغطيه، وتحجب ما يهجع تحتها من عطن واستنقاع.

وعلينا ايضا ان ننصرف عن الكلام والثرثرة التي يفرزها فائض الفراغ والبطالة والضجر، لانه مجرد كلام ممنوع من اي صرف، ويصبح احيانا بديلا لطاولة الزهر او لعبة الورق ولم يحدث هذا كله دفعة واحدة، بل مهدت له عقود وربما قرون من العسف والتشكيك بالهوية وجدوى الانتماء كان العربي خلالها اشبه ببصلة يتم قشرها طبقة بعد اخرى، ليجد نفسه في ذروة الاغتراب حتى وهو في عقر داره.

الجديد الان ليس حرب الاخوة الاعداء فتاريخنا يعج بهذا النمط الانتحاري من الحروب البينية بدءا من القبائل حتى اشباه الدول مرورا بالطوائف، حتى الاستقواء على ذوي القربي له جذور ضاربة في الذاكرة ولدينا امثلة لا تحصى في هذا السياق، لكننا نحب ان نقرأ الماضي كما نشتهي ان يكون وليس كما كان، لهذا نادرا ما نعترف بان براقش جنت على نفسها وابنائها واحفاد احفادها.

ان ثقافة المباريات واعلام الدسائس الذي تتلمذ على الحطيئة وشعراء المديح المدفوع الاجر والهجاء المعروض للتأجير هي التي تحكم في عقل سياسي لم يعرف غير الثنائيات، بحيث تحذف المسافة الرمادية او البعد الثالث من اية معادلة سياسية.

والحصاد الاول للتجارب في ديمقراطية عوراء هو هذا الدم بمختلف فصائله وكأن الديمقراطية هي حق للفرد في ان يقتل ويدمر ويسطو، تماما كما هي الحرية اطلاق لقوة الغرائز اما الشفافية فقد ترجمت من خلال هذه الثقافة الى نميمة فقط.

ما من مشهد عنيف او يبدو شاذا الان في العالم العربي الا وسبقته مشاهد انكى منه واشد فظاظة وغلظة، ولم ينج منها الجاهلي والاموي والعباسي والفاطمي، واخيرا هذا المعاصر الذي فهم الحداثة على انها حراثة في الماء او حفلة تنكرية يستطيع خلالها ان يتيح لكل مكبوتاته المزمنة ان تندلع.

الكارثة ليست كل ما يحدث بل هي اسلوب التعامل معه، فالشعوب التي يصل اغترابها عن نفسها الى الحد الذي تتحول معه الى متفرجة على مصيرها قد لا تجد لها متسعا في التاريخ والجغرافيا معا. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات