إدارة أوباما إذ تفقد ألقها

تم نشره الجمعة 14 آب / أغسطس 2009 04:34 صباحاً
إدارة أوباما إذ تفقد ألقها
عريب الرنتاوي

فقدت إدارة الرئيس أوباما الكثير من زخمها وبريقها بعد ستة أشهر من توليها مقاليد الحكم ، وحلت التحفظات الحذرة محل الرهانات المتفائلة والتكهنات المستبشرة بكل خير وتقدم ، والأرجح أن تذهب التقديرات المتصلة بأداء الإدارة حيال بعض الملفات الدولية ، بالميل نحو التشاؤم قبل أن تكمل الإدارة عامها الأول.

في الملف الإيراني ، وقفت واشنطن عاجزة ، مترددة ومرتكبة حيال ما جرى في إيران بعد انتخابات الرئاسة واندلاع الاحتجاجات ، فهي احتفظت لنفسها بمسافة تفصلها عن الأزمة الإيرانية ، سرعان ما اجتازتها لصالح الانحياز لـ"الإصلاحيين" لتعود بعدها لتهئنة الرئيس الإيراني المنتخب ، قبل أن تسحب التهنئة وتغلق الملف بأسره ، في ارتباك ظاهر بالكاد تقع في مثله ، دولة من دول العالم الثالث.

وفي الملف الإيراني أيضا ، لا يبدو أن واشنطن لديها استراتيجية واضحة في التعامل مع ملف طهران النووي ، فهي تارة تبدي حزما تجاه ميل إسرائيل لخيار "الضربة العسكرية" وأحيانا يصدر عنها ما يشي باقترابها من "المقاربة الإسرائيلية" لهذا الملف.. أحيانا يخبرك مسؤولون أمريكيون بأن الوقت ضاغط ، وأن واشنطن اختصرت فترة السماح الممنوعة لإيران للرد على دعواتها الحوارية إلى سبتمبر ـ أيلول القادم ، وأحيانا تأتيك تقارير استخبارية لتؤكد بأن 2013 هو أقرب موعد لإيران مع القنبلة الذرية ، وكذا الحال ، هبة ثلج وهبة نار ، ولا أحد يعرف أين تتجه الولايات المتحدة في علاقاتها مع إيران ، وأيهما يقود الآخر على هذا الطريق: إسرائيل أم الولايات المتحدة.

وفي ملف عملية السلام ، وبعد الزيارات المتكررة لجورج ميتشيل وفريديك هوف وجيفري فيلتمان ودانيال شابيرو في عواصم المنطقة ، تبدو العملية برمتها في مربعها الأول ، أو ربما تبدو وقد عادت إلى نقطة البدء ، فلا إسرائيل بقيادة اليمين في وارد الانصياع لمطلب وقف أعمال الاستيطان ، ولا تل أبيب بصدد إبداء أي قدر من المرونة حيال الجلاء عن الأراضي العربية المحتلة ، ولا العرب في المقابل ، راغبون أو قادرون إن هم رغبوا ، في تقديم هدايا مجانية لحكومة متطرفة لم تؤمن يوما بالسلام ، وليس ثمة ما يشي بأنها ستفعل ذلك مستقبلا.

وفي الملف العراقي ، تصدر عن واشنطن تقديرات متفاوتة لحجم التهديد ومستقبل خطط الانسحاب ومصائر الاتفاق الأمني وحجم تنظيم القاعدة ونفوذه ودور الصحوات والموقف من المالكي وحكومته وائتلافه ، وهو تفاوت يمليه انعدام الثقة واليقين ، لا حيال المستقبل فحسب ، بل وحيال الحاضر المترع بروائح التفجيرات والعنف الأعمى والقتل المجاني والمستقبل المجهول ونذر الحرب الأهلية التي تطل برأسها البشع من جديد.

حتى في ملفات بعيدة عنا بعض الشيء ، تبدو الولايات المتحدة في ورطة لا تقل عمقا وتأزما ، فأفغانستان تتحول إلى مقبرة لأحلام الإدارة في تحقيق منجز دولي ، وبرغم زعم واشنطن بأنهم "تمتلك استراتيجية نصر" هناك ، فإن كل الدلائل تشير بأن هذه الاستراتيجية متوقفة على قبول طالبان بالانضمام إلى العملية السياسية والالتحاق بـ"اللويا جيرغا" التي سيدعو لها حميد قرضاي بعد إعادة انتخابه لولاية رئاسية جديدة ، وهو أمر مستبعد على أية حال ، والأرجح أنه لن يكون مقبولا إلا بشروط طالبان ، وهي شروط ستجعل نصر واشنطن هزيمة مضاعفة.

ربما يكون النصر المؤقت في وادي سوات ، وإصابة أو قتل بيت الله محسود ، هو أهم ما حققته هذه الإدارة حتى يومنا هذا ، فلا يوجد ملف واحد ، نجحت الولايات المتحدة في حله ، أو وضعه على سكة الحل على أقل تقدير ، منذ أن استوطنت البيت الأبيض حتى الآن ، بما في ذلك الملف الكوري الشمالي ، وملف السودان بشقية الدارفوري والجنوبي ، وملف غوانتنموا والحرب على الإرهاب ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان.

لا نريد أن نحكم على هذه الإدارة مسبقا وقطيعا ، ولكن فترة السماح المعتادة انتهت ، وبات من حق الجميع تقييم الأداء ، والتقييم بمجمله حتى الآن لا يبعث على الثقة ، والخشية أن مرور الوقت يثير الضجر ويبعث على اليأس ويبدد الأمل ويضعف الهمة ، ويفقد هذا الرئيس الكثير مما أحيط به من تقدير ورهانات وتوقعات.

وأيا يكن من أمر ، فإن أيلول ـ سبتمبر يقرع الأبواب ، ومع انتهائه سيصبح ممكنا التعرف على الوجهة التي ستسلكها واشنطن حيال أهم ملفين يعنيان المنطقة: إيران وعملية السلام.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات