سدد ديونك ايها المواطن
كل مواطن اردني ، صغيرا كان ام كبيرا ، مدين للمؤسسات العالمية والمصارف الاردنية ، بمبلغ مقداره ، الف وستمائة دينار تقريبا ، وهذا الدين الثقيل ، ينطبق على الكهول ، وعلى من يرضع من صدر امه.
السر في ذلك بسيط ، فمديونية الخزينة للمؤسسات العالمية ، اي الدين الخارجي ، وفقا للارقام الرسمية ، تصل الى ثلاثة مليارات ونصف المليار ، من الدنانير الخضراء ، في حين ان ديون الخزينة الداخلية ، اي التي اقترضتها الخزينة من المصارف المحلية ، وفقا للارقام الرسمية ، تصل الى خمسة مليارات ونصف المليار ، من الدنانير الخضراء ، اي ان مجموع الدين يصل الى تسعة مليارات دينار ، موزعة في همومها وغمومها ، على ستة ملايين مواطن ، بحيث تكون حصة الفرد في ديون الخزينة الف وستمائة دينار.
سيرتفع مقدار الدين ، نهاية هذا العام ، فالجهات الرسمية كشفت عن عجز في الموازنة يصل الى نصف مليار دينار تقريبا خلال الشهور الستة الاولى ، من هذا العام ، والتوقعات تقول ان العجز سيصل الى مليار ومائة مليون دينار نهاية العام ، والحكومة ستضطر الى ان تستدين من مصارف محلية او جهات اجنبية اذا لم تأت مساعدات خارجية ، لانقاذ الوضع ، وهذا يعني ببساطة ان مجموع الدين على الخزينة قد يصل الى عشرة مليارات دينار نهاية هذا العام ، ما يرفع حصة الفرد من اعباء الخزينة ، ويجعل السياسات العامة تسير يوما بعد يوم ، لرفع اسعار كل شيئ ، للتخفيف من اعباء الموازنة على الدولة ، ولاحل الا بأخذ ماتبقى من اموال في جيوب الناس ، لمواجهه هذه الاوضاع.
السياسات الحكومية خلال الخمسة عشر عاما ، كانت تتبنى رفع الدعم عن كل شيء يخص المواطن ، فرفعت سعر الرغيف وسعر ليتر الكاز والبنزين ، وحررت اسعار رسوم الجامعات ، وباعت قطاعات مختلفة وخصخصتها ، بذريعة تخفيف العجز في الموازنة ، لكننا شهدنا خطا تصاعديا غريبا ، فكلما تخلت الحكومات عن رعاية الناس ، كلما زادت ديون الخزينة ، بدلا من العكس ، وكلما رفعت يدها عن السوق ومصالح المواطنين ، كلما تكبدت مزيدا من الديون ، لنكتشف في المحصلة ان ديوننا اقتربت من خانة العشرة مليارات ، فيما تعقدت حياة الناس ، فلا انخفضت الديون حقا ، ولا كسبنا "ثواب" رعاية المواطن.
حين نذهب الى عائلات في قرية ساكب الجرشية ونجد ان متوسط عدد العائلة يصل الى خمسة عشر فردا ، ونعرف ببساطة ان كل فرد مدين بألف وستمائة دينار للخزينة حتى الان ، ونكتشف ان مثل هذه العائلات مدينة بعشرين الف دينار او خمسة وعشرين الف دينار ، وهي لاتعرف ، والامر ينطبق على عائلات اخرى متوسط افرادها خمسة افراد ، حين تكتشف العائلة ان حجم الديون التي عليها ، والتي ندفعها بالتقسيط للخزينة ، دون ان نشعر ، قد يصل الى عشرة الاف دينار ، في مثل هذا الانموذج ، وقد لايشعر الناس ، ان هناك طارقا على بيوتهم يطالبهم بالسداد ، لكنهم سيدفعون من حيث يشعرون او لايشعرون ، عبر الغلاء وتحرير كل القطاعات ، وبيع ماتبقى من قطاعات استراتيجية.
ثم يأتي من يقول لك..."لماذا تعترض على امتيازات النواب والوزراء؟ ، ولماذا تفتح ملفات الفساد؟ ، وتطالب باسئلة من قبيل من اين لك هذا؟ ، ولماذا تحتج على كل قرار ، ولماذا "تنق"على مصاريف الاتصالات والسيارات الحكومية؟ ، وغير ذلك من قصص"...وكأن السائل هنا في واد ، والبلد في واد اخر....ولو حسبها كثيرون بشكل علمي ودقيق لعرفوا انهم لايتسلمون الا ثلث رواتبهم ، فيما يذهب الثلثان على المدى البعيد ، لسداد ديون الخزينة ، وبطرق مختلفة.
الجو جميل وشاعري.
mtair@addustour.com.jo