إيران تتشدد والعرب يدفعون الثمن!

اعتقد الكثير من المراقبين ان الازمة الداخلية العاصفة التى اصابت النظام الإيراني في اعقاب الانتخابات الرئاسية والاتهامات التي وجهها الشارع الى النظام بالوقوف وراء التزوير، ستعمل على فرملة طموحات النظام الاقليمية، وانها ربما تدفعه نحو مواقف اكثر عقلانية تجعله ينقذ وضعه الداخلي واعادة ترتيبه على ارضية من التصالح ما بين المحافظين والاصلاحيين ويخلق حاضنة اقليمية دافئة تستطيع تشكيل حاجز صد للعصا الاميركية الاجلة او الاسرائيلية العاجلة او المستعجلة ، ولكن ما جرى ويجرى ان مؤسسة الولي الفقيه والاجهزة الامنية المنفذة لسياساتها اختارت تكتيكا مغايرا لكل التوقعات، والمتمثل بان افضل وسيلة للرد على الداخل هو تقوية النفوذ الاقليمي للنظام في الخارج واقصد هنا بصورة خاصة الملفات الاكثر طواعية في اليد الإيرانية وهي العراقي واللبناني والفلسطيني.
لقد سارع النظام الإيراني لقول ها انا موجود في رسالة للداخل والخارج بسلسلة من الممارسات التي لا تشكل تغييرا نوعيا في التعاطي مع تلك الملفات الا بقدر التعطيل او التصعيد المحسوبين الذي يوصل الرسالة المطلوبة بدون قلب للموازين.
اولا في العراق : قررت طهران وفي خضم الازمة الداخلية لها الايعاز لحلفائها في الحكومة العراقية الى اتخاذ القرار باحتلال معسكر اشرف التابع لمجاهدي خلق المعارضة في مدينة ديالي شمالي بغداد بصورة اقل ما يقال عنها انها تمت في خرق صارخ للقانون الدولي المتعلق بحياة اللاجئين السياسيين واتفاقيات جنيف الخاصة بهذا الشأن ( اتفاقية جنيف الرابعة واتفاقية اللجوء الصادرة عام 1951 ) هذا علاوة على درجة العنف والقتل التي تمت خلال عملية الاحتلال لمعسكر اشرف والتي ادارها قائد شرطة ديالي عبد الحسين الشمرى المعروف بصلاته القوية مع اجهزة الامن الايرانية والذي ورط الحكومة العراقية بتصريحات له تتحدث عن دفن رفات الاسرى الكويتيين ابان حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين في معسكر اشرف، وهي التصريحات التي نفاها المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية لبيد عباوي ودخل وبصورة ملفتة للانتباه في مواجهة مع وزارة الخارجية احرجت الحكومة العراقية ورئيسها بعد ان ظهر وكأنه هو رئيس الحكومة العراقية.
ثانيا في لبنان : فجأة وبدون مقدمات وبعد ان تم الاتفاق على مبدأ تشكيل الحكومة وفق معادلة /5 ، 10، 15 / اي خمسة مقاعد للرئيس منها اثنان سياديان وخمسة عشر مقعدا للأكثرية منها مقعد سيادي، وعشرة مقاعد للمعارضة منها مقعد سيادي واحد، فجر العماد عون وبدعم واضح من حزب الله قضية ضرورة توزير صهره جبران باسيل وزير الاتصالات السابق والخاسر في الانتخابات الاخيرة وتسليمه وزارة الاتصالات الحساسة في الحالة اللبنانية بالإضافة الى مطالبته اي عون بوزارة سيادية خارج اطار الحقيبة المتفق عليها والمخصصة للمعارضة، وهو موقف فهم منه ان ايران وعبر حزب الله وواجهته المسيحية العماد عون ارادت ايصال رسالة اساسية مفادها ان تفاهم دمشق - الرياض وحده لا يملك القدرة على تمرير مشروع تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة.
ثالثا في فلسطين : منعت حماس اعضاء فتح ال 450 من المشاركة في مؤتمر الحركة السادس الذي انعقد في بيت لحم في خطوة اعتراها الكثير من ضعف الحجة و المنطق السياسي وشكلت ضربة لمصداقية الحركة ونواياها بشان موضوع المصالحة مع فتح ، ولكن العارفين في بواطن الامور كانوا يدركون ان القرار مفروض وبقوة على قيادة حماس الخارجية، رغم ان قيادة حماس في دمشق نصحت من القيادة السورية ضرورة تجاوز هذا الامر والسماح لاعضاء فتح مغادرة غزة الى بيت لحم واوضحت لها ان هذه النصيحة تأتي في اطار حرصها على ضرورة تحقيق المصالحة الفلسطينية والتي من ضمنها موضوع المعتقلين لدي الجانبين، غير انه ثبت لدمشق ان تأثير طهران على قيادة حماس اقوى بكثير من تأثيرها.
... اثبتت طهران انها مازالت لاعبا اقليميا قويا وفاعلا رغم الازمة الداخلية التى تعصف بها ولكن الاهم انها اثبتت فحولتها السياسية على حساب العرب وملفاتهم الساخنة!!.