قصة بين يدي الامير

وزير التعليم العالي ، صادق وشفاف وحاد ، ولايقبل أي تجاوزات ، ويشهد له كثيرون بأنه يطبق التعليمات بحذافيرها ، ولايقبل واسطة تتسلل من هنا او هناك لأي شأن كان ، وهو ايضا لا يقبل الضغط ولا الابتزاز ، بأعتباره شخصا نزيها بلا شك.
القصة التي سوف أرويها لاتتعلق بشخص وزير التعليم العالي ، لكنها تتعلق بسياسات القبول في الجامعات ، التي ورثها الوزير ، حين تمنع التعليمات أي طالب اردني حصل على معدل اقل من خمسة وخمسين بالمائة ، من دخول الجامعات الخاصة ، لكنها تسمح للطلبة العرب تحت مسمى التبادل الثقافي ، وغير ذلك من دخول الجامعات الخاصة ، وهي مفارقة غريبة ، وكأن سياسات التعليم العالي ، تحرم الاردني من حق من حقوقه ، وتسمح به للعرب ، وتدفع الطلبة للخروج من الاردن للدراسة في الخارج ، او اجبارهم على الذهاب لكليات المجتمع التي تعتاش اليوم على الفرق بين معدلي الخمسين والخمسة والخمسين.
الجانب الاخر في سياسات التعليم ، مايتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة ، وأعرف من خاض معركة ولايزال يخوضها ، من اجل تعليم اولاده ، فيتم رفض ادخاله لجامعات خاصة بذريعة ان معدله دون الخمسة والخمسين ، برغم وجود آلاف الحالات في البلد ، ممن تعاني من امراض خاصة ، او تواجه معاناة خاصة ، على مستويات مختلفة ، صحية ، وتصنف في باب الاحتياجات الخاصة بدرجات مختلفة ، فلا يقبل الوزير استثناء هذه الحالات ، ولاتقبل التعليمات ، استثناء هؤلاء ، على الرغم من ان المعدلات المنخفضة - هنا - تعتبر مرتفعة جدا ، لمن يعانون من ظروف صحية محددة ، لانها جاءت تحت وطأة المعاناة التي لايجوز عدم احتساب كلفتها وتأثيرها على المعدل العام للطالب ، ونتائجه في امتحان الثانوية العامة.
لانشكك في دوافع الوزير الطيبة لحفظ مستوى التعليم ، في الاردن ، غير ان التناقض يتعلق بتفريط سياساتنا بسمعة الاردن الاكاديمية وقبولها مادون الخمسة والخمسين ، اذا كان الطلبة عربا ، فأي تناقض فاضح هذا الذي يسمح بالتشدد على ابناء البلد بذريعة الحفاظ على مستوى التعليم ، لكنه يقبل التفريط بمستوى التعليم اذا كان الطلبة عربا ، ومن الاولى هنا ان نخفف عن الناس ، هذه المصاعب ، فابن البلد أولى من غيره بدخول الجامعة الخاصة ، بدلا من تكبيد والده الذي فوقه او تحته لارسال ابنه الى الخارج ، او حبس ابنه في اطار تعليم متوسط محدود ، وهي دعوة الى الجهات المعنية ، على كل المستويات ، لمراجعة هذا القرار سريعا ، خلال هذه الفترة بدلا من هذه التناقضات الغريبة.
يبقى في البال أسئلة لاتعد ولاتحصى حول اولئك الطلبة الذين يعانون من مصاعب جسدية او سمعية او بصرية ، الذين نتشدق ليل نهار برغبتنا بخدمتهم ، لكننا نطبق عليهم ذات الشروط المستبدة ، التي نطبقها على الطلبة الذين لايعانون من اي مشاكل ، فأي عدالة هذه واي تفهم واي رؤية واي تعليم عال واي شعارات نطرحها للاستهلاك المحلي ، حين نساوي بين الذي يعاني صحيا والذي لايعاني ، بتطبيق ذات شروط القبول ، وقد خبرت قصة خلال الايام الماضية ، سببت لي الما كثيرا ، حين عرقلت "العبقريات" دخول من يعاني بسبب ظرف صحي خاص ومعقد الى الجامعة الخاصة ، لانخفاض المعدل عن شرط القبول بعلامة وعُشر فقط ، دون ان يتفهم العباقرة ان هناك وضعا صحيا خاصا ، يجعل المعدل المنخفض بمثابة معدل مرتفع بكل المقاييس.
الملك اعزه الله يشفق على الناس ويساعدهم ، والامير رعد بن زيد يهتم بذوي الاحتياجات الخاصة ، وممن يعانون صحيا ، لاسباب مختلفة ، غير ان تعليمات العباقرة في مطابخ التعليم ، تفكر كما تريد ، وتنفذ كما تريد ، وتسد الباب في وجه الناس ، بذرائع لايمكن السكوت عليها ، فالعربي مرحب به ، والاردني محروم في وطنه ، والذي يعاني يطبق عليه ذات شرط الذي لايعاني صحيا ، في عبقرية فريدة ، عز نظيرها في مشرق العرب ومغربهم.
....ومنا الى كل من يهمه الامر ، لعل هناك من في قلبه بقايا رحمة بهذا الشعب ، ولعل الوزير يراجع هذه التعليمات ، المتوارثة ، على الاقل فيما يتعلق بمن يعانون صحيا ، فيما "القصة الخاصة" التي رويتها بحالة أعرفها ، أتركها بين يدي الامير رعد بن زيد لايجاد حل لها.
mtair@addustour.com.jo