إنجاز الحكومة
لعل التركيز السياسي على حديث الملك مؤخرا في القيادة العامة للقوات المسلحة جعلنا جميعا لا نتوقف طويلا عند بعض القضايا المهمة ومنها قضية إنجاز الحكومات، حيث تحدث الملك بوضوح ولغة ناقدة الى انه كان يضغط خلال السنوات الماضية من اجل تحقيق الإنجازات لكن تباطؤ بعض الحكومات والمسؤولين كان عائقا امام هذا.
وإنجاز الحكومات يكمن في مجالات التنمية والسياسات وإيجاد الحلول للمشكلات، أي خدمة الناس. جزء من آثار عدم الإسراع في الإنجاز أدى إلى أن الملك كان يقوم بنفسه بإصدار التوجيهات لحل مشكلات خدماتية، وأصبح في الديوان الملكي عمل لإنجاز بعض المشاريع ومتابعة الانجاز، ونتحدث عن مشاريع خدماتية، وهو امر اثار جدلا عن ولاية الحكومة الدستورية ودور الديوان الملكي، لكن الأمر ليس رغبة في تقليص دور الحكومات بل حرصا من الملك على تنفيذ بعض المشاريع والخدمات التي يشعر أن الحكومات تباطأت في تنفيذها او رغبة ملكية في انصاف مناطق مظلومة تاريخيا.
وإذا عدنا إلى فكرة الإنجاز فإننا نجد أمامنا حقيقة مهمة وهي أن نسبة ليست قليلة من موازنات المحافظات المخصصة لمشاريع تنموية وخدماتية. لا يتم إنفاقها وتنتهي السنة المالية وهي موجودة الا نسبة قليلة يتم استثمارها تنمويا، وهذا ما كان وراء التفكير قبل سنوات بفكرة المحافظ التنموي ثم فكرة الاقاليم الى الفكرة الحالية التي تدرسها الحكومة الآن، وهي اللامركزية.
وبعض المحافظات في سنوات سابقة كانت نسبة الإنفاق لا تصل إلى 30%
من موازنتها الخدماتية. ولو أعلنت الحكومة أرقام إنفاق المحافظات خلال السنوات الماضية لوجدنا نسبا مثيرة للتساؤل، والأمر هنا عبر سنوات وسنوات، والسبب أنه ليس هنالك رقابة ومتابعة لكل المشاريع التي يجب أن تنجز، بل إن بعض الحكومات كانت تجد نفسها سعيدة إذا ما علمت بتدني نسب الإنجاز، لأن هذا يعني عودة الموازنات والمبالغ المخصصة إلى الخزينة لإنفاقها في مجالات أخرى. لكن المحصلة أن ضعفاً وظلما لحق بتلك المحافظات وتراجعا في الخدمات والمشاريع التنموية، وهذا ما نرى محصلته اليوم في معظم محافظاتنا
وقرانا وبوادينا.
ضعف الإنجاز يتم أيضا بتطبيق البرامج والخطط المركزية التي تتبناها الحكومات في برامجها او يتم تكليفها بها من الملك. ونجد مشكلات كبرى تبقى كما هي رغم مرور السنوات ولا يتم تحقيق إنجاز معقول يتحول تراكميا إلى إنجاز ملموس.
كثير من الحكومات تنشغل في القضايا الاجرائية والأعمال اليومية، وتغرق في متابعة المستجدات دون أن تعطي الوقت الكافي للملفات الكبرى، ولهذا نتحدث اليوم عن ملفات سمع الناس وعودا بحلها قبل سنوات طويلة، لأن الامر لم يدخل حيز الانجاز.
ولعلي هنا اتوقف عند مشروع الديسي المشروع الاستراتيجي الوطني والذي بدأ الحديث عنه منذ الحكومة الاولى في عهد الملك، فبالرغم من وجود إعاقات في التمويل من جهات دولية وحتى عربية الا أن المشروع ما زال حتى اليوم في مراحل كان يمكن أن يراها المواطن قبل خمس سنوات مثلا، لكن بعض الحكومات كانت تقف عاجزة او متباطئة امام بعض العوائق وهو ما ساهم في ضعف انجاز المشروع ما يفترض أن يكون اولوية لكل الحكومات.
ضعف الدور الرقابي والمتابعة الفنية الزمنية من مجالس النواب وضعف آليات الرقابة داخل الحكومات وتلكؤ مجالس المحافظات وغياب الرؤية التنموية ساهم في ضعف الإنجاز.