مأذون «الداخلية» الذي لايرحم

حتى لا نبدو بمثابة من يطبل على صفيح الداخلية ، الساخن اصلا ، وغير المحتمل اصلا ، فان هذه التصرفات مخالفة لكل المعايير الداخلية والخارجية ، ولمعايير حقوق الانسان ، محليا وعربيا ودوليا ، وحق الجيرة بيننا وبين العراقيين ، الذين علموا عشرات الاف الطلبة الجامعيين من الاردن ، في جامعات العراق ، وادخلوا عشرات المليارات من الدنانير الى خزينة الدولة والقطاع الخاص على مدى عقود متواصلة ، فاذا بنا تحت دوافع عرقلة زواج العراقيات من اردنيين ، نبحث عن اي نقطة ضعف ، لمنع الزواج ، متناسين اننا عرب ومسلمون ، ولسنا "دما ازرق" يتفوق على العالم العربي والاسلامي ، فنحن منهم ، وهم منا.
قابلت عائلة عراقية مبتلاة بالمرض والفقر تعيش في الاردن منذ ست سنوات ، وعلى كل فرد فيها غرامات اقامة قيمتها ثلاثة الاف دينار تقريبا ، وعدد افراد العائلة ستة افراد ، اي ان الداخلية تطالب العائلة بعشرين الف دينار غرامات ، وحين خطب شاب اردني من السلط احدى فتيات العائلة ، وذهب لاجراء المعاملات ، فوجئ في وزارة الداخلية بأنها تريد من الفتاة "المسكينة والفقيرة" ان تدفع غرامات الست سنوات ، اي الثلاثة الاف دينار عليها وحدها ، وهي لا تملك دينارا منها ، مما عطل الزواج ، فأي معاملة اخلاقية هذه التي نعامل بها اهلنا من العراقيين ، وهل عاملونا يوما هكذا ، حين فتحوا بلدهم ، وجامعات بلدهم ، وشركاتهم ، للاردنيين ، هل في هذه المعاملة ، الحد الادنى من الوفاء لما قدمه العراقيون ، هل في هذه المعاملة الحد الادنى من حفظ كرامة الاردني الذي من حقه من ان يتزوج من اي جهة كانت ، دون عرقلة معاملته ، ما لم تكن خلفها ظلال امنية خطيرة ، أو تهديد حقيقي لامن البلد ، وليس مجرد افتراض الخطر ، خصوصا ، ان العراقية اشرف مليون مرة ، من الوجوه الصفراء التي تتسلل الى البلد ، ويكتبن كتابهن على مواطنين ، وهن يعملن في نشاطات قذرة ومريبة.
نتشاطر على "عراقية" تريد ان تتزوج من اردني ، لكننا بكل انفصام الشخصية ، نفتح الباب لمن هب ودب ، من جنسيات اخرى ، تعبث في البلد ، وتلعب فيه ، وتعمر نواديه الليلية وصالات سهراته وفنادقه ، نتشاطر على اهلنا "العراقيين المساكين" ممن جارت الدنيا عليهم ، ونفرض عليهم غرامات اقامة ، ونسلخ لحمهم وجلدهم ، ونتعامى عما قدموه ذات يوم ، وبالمقابل يدخل "الاسرائيلي" الى الاردن بدون تأشيرة مسبقة ، بل على العكس ، لا يجرؤ احد على الاقتراب من "مؤخرة شلومو" ورفاقه ، في اي مكان ، فيما العراقي ، ابن الجيرة والدم والاهل والتاريخ ، لا يجرؤ ان يخرج من بيته خوفا من ملاحقته جراء مخالفته لقوانين الاقامة.
لا ادخل في حملات ضد وزير الداخلية ، ، ولاهو خصمي ، اليوم او غدا ، بل لعلي ادعوه بكل احترام ، الى مراجعة هذا الملف ، فاذا اختار الاردني عراقية ليتزوجها ، فلنعفها من غرامات الاقامة ، لان زواجها افضل بكثير ، من حرمانها من الزواج ومن عدم قدرتها على دفع الغرامات ، وعلى مغادرة الاردن ، فالداخلية هنا ، تريد فرملة اقامة العراقيات ، لكنا تعيد انتاج المشكلة بشكل سيئ للغاية.
هل نقبل كشعب ان يحاسبنا العراقيون على كلف الشهادات الجامعية ، مثلما نحاسبهم الان على غرامات الاقامة ، ونعرقل زواج بناتهم؟.
سؤال برسم الاجابة ، اذا بقي لدينا احد يقرأ ويفكر.
mtair@addustour.com.jo