الإصلاح...هل من وقت.؟

تم نشره الأربعاء 02nd أيلول / سبتمبر 2009 01:53 مساءً
الإصلاح...هل من وقت.؟
أسامة تليلان

 في أول محاولة جرت لوضع إستراتيجية للتنمية السياسية في الأردن بعد تأسيس وزارة لها،  ضمت مسودة هذه الإستراتيجية مجموعة من القيم التي ينبغي تعزيزها في المجتمع والحياة السياسية وكان من بين هذه القيم إغراق واضح في التركيز على  بعض القيم الاجتماعية التي تتعلق بالسمات الايجابية للشخص بشكل عام مثل النخوة والشهامة والأصالة وأشياء من هذا القبيل, الى الدرجة التي يصاب بها المرء  بالذهول حول مجموعة القيم هذه ومدى علاقتها بمشروع الإصلاح السياسي بحيث أشرت لصديقي من تلك الوزارة بعد أن أطلعني على مسودة المشروع  باني لا أرى قيم تؤسس لمشروع إصلاح سياسي أو تؤسس لنقاليد في العمل السياسي والديمقراطي وإنما أرى بعض القيم التي تصلح للتفاعلات الاجتماعية الايجابية في مجتمع تعود على مثل هذه القيم الشخصية وكونها ايجابية لا يعني انها سلة القيم او البديل لمنظومة القيم الضرورية لتأسيس إطار قيمي لعملية الاصلاح والتحديث السياسي.

ومنذ تلك المسودة اي منذ اول مقترح لمشروع للاصلاح السياسي  مضت العديد من السنوات  والتفاعلات أضحت أكثر تشابك وتعقد من السابق واستمر الخلل  في الجانب القيمي الحاكم للتفاعلات السياسية والديمقراطية والوظيفية والاجتماعية بالتفاقم, والمتغير الأبرز ظل يؤشر الى تصاعد المظاهر وربما الازمات الناجمة عن غياب منظمومة قيمية مشتركة في الجانب الاجتماعي والسياسي والوظيفي والقانوني والديمقراطي وطغيان افكار وما بات يشبه المبادئ السلبية التي ليس من شأنها الا النخر في جسد الدولة والمجتمع. والمظاهر الدالة  على تراجع القيم أو غيابها عديدة  بدأ من أبسط الأمور إلى أعقدها  فالتجاوز على قانون السير من قبل رجال السلطة التشريعية وكبار العاملين في مختلف سلطات الدولة بما فيها الشرطية يعبر عن خلل أو أزمة في القيم وكذلك  الاعتداء على المال العام من قبل اكثر القيمين عليه وتزوير  الشهادات بشكل جماعي في واحدة من الوزارت المعنية بالتربية والسلوك  وتنامي مظهر التوسط في القضاء والتعليم وشيوع الواسطة والمحسوبية والشللية والاستقواء على مؤسسات الدولة وشيوع انعدم الثقة بين الاطراف المختلفة وتعزز ظاهرة التوريث الوظيفي والسياسي واحتكار المواقع والازمات الاجتماعية وغيرها  من الأمثلة التي لا مجال لحصرها في مقال تعبير صارخ عن الخلل في المنظومة القيمية الحاكمة لكافة التفاعلات.

الإصلاح السياسي مهما تحدثنا عنه وعن حضوره أو غيابه فانه بدون إطار قيمي يستند إلى سيادة واحترام القانون والشفافية والمسائلة وحرية التعبير ومحاربة كافة المظاهر السلبية التي تعتري العملية السياسية والوظيفية والتشريعية سيبقى يدور حول نفسه مع فارق جوهري وهو استنزاف الوقت اللازم  للبدء بهذه العملية وهو عامل حاسم بأكثر من معنى.

القضية قد تبدو معقدة وقد تبدو عكس ذلك نعم يمكننا أن نبدأ في بناء منظومة قيمية رشيدة , أولا إذا عملنا على تحييد قوى الشد العكسي التي استفادت طوال عقود من الوضع الراهن وتراهن وتعمل على استمراره وثانيا إذا عملنا على الاستفادة من عامل الوقت بالكف عن طرح استراتيجيات لا علاقة لها بالإصلاح السياسي وثالثا إذا  بدأنا العمل الحقيقي ولو تجاه تحقيق مبدأ واحد مثل سيادة القانون واحترامه وقمع أي تجاوز عليه مهما كان التجاوز بسيطا حتى لو كان هذا القانون قانون السير وهذه عملية تشاركية بين كافة السلطات ومؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتها الأحزاب السياسية وبخلاف ذلك فان الوقت ينفذ بشدة والأبواب والاحتمالات ستبقى مفتوحة على سيناريوهات بالقطع لن تقود إلى إرساء تقاليد سياسية وديمقراطية أو بناء منظمومة  قيمية تزيد من عناصر قوة المجتمع والدولة في آن. 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات