طريق السلام ومتاهة الاستسلام

تم نشره الإثنين 07 أيلول / سبتمبر 2009 03:40 صباحاً
طريق السلام ومتاهة الاستسلام
راكان المجالي

ما نقصد التذكير به والتأكيد عليه هو ان الخطأ في قراءة البوصلة السياسية حتى لو كان ضئيلا عندما تقرأه على ساعة البوصلة يغدو واسعا عندما تنطلق خطوات المسيرة على الارض ، حيث تقصد مكانا وتجد نفسك في متاهة وضياع كامل.

وبدون ادنى شك فقد اغوى العرب بريق الوعود الخادعة بتسوية عادلة على مدى عقود عبر المبادلات والمشاريع والمؤتمرات والاتصالات لكن الاندفاع في الاتجاه الخطأ بدأ عندما انخرط العرب بالسير الانفرادي بالحلول ابتداء من خروج مصر من معادلة الصراع العربي الاسرائيلي عبر اتفاقية كامب ديفيد حيث ازاحت اسرائيل ثقل مصر في القضية الفلسطينية ، بالاضافة الى انهاء هاجس الحرب خاصة بعد الكابوس الذي عصف باسرائيل في حرب 1973 ، وتأكدت نظرية ان لا حرب بدون مصر.. وبذلك اسقطت خيار الحرب.. لكن ما لم ينتبه له العرب ان اسرائيل ارادت اولا شطب خبار السلام تدريجيا وفرض الاستسلام كأمر واقع.

وكما هو معروف فانه ومن خلال مؤتمر مدريد في العام 1991 وعلى نهج كامب ديفيد المصري الاسرائيلي 1979 جرى تكريس الحلول المنفردة ، ونذكر ان العرب يومها طالبوا بان تكون الاولوية لحل القضية الفلسطينية وبعد ذلك لن تكون هنالك مشكلة في حل القضايا الحدودية مع بقية الاطراف العربية المعنية ، وذلك في محاولة منهم لتصحيح الخطأ الفادح الذي مثله انحراف مسيرة التسوية في توقيع صلح منفرد مع مصر في كامب ديفيد 1979 على حساب فلسطين .

لكن عبر مفاوضات واشنطن التي انطلقت من مدريد جرى تكريس المفاوضات الثنائية المباشرة مع هامش للتنسيق بين الوفود العربية ، وتواصلت مباحثات واشنطن بين اسرائيل وكل الاطراف العربية طوال عامي 1992 و 1993 الى ان تفجرت مفاجأة توقيع الاتفاقية الثنائية بين منظمة التحرير الاسرائيلي في اواخر العام ,1993

وبتوقيع اتفاقية اوسلو في العام 1993 ازالت منظمة التحرير الفلسطينية الحرج عن الاطراف العربية في التفاوض للوصول الى حلول منفردة.

وعبر اتفاقية اوسلو التي جرت في دهاليز سرية افضت الى اتفاقية ثنائية انفرادية مغلقة اعفيت امريكا وكذلك المجتمع الدولي من مسؤولية وعودها والتزاماتها السابقة في مدريد خاصة المبدأ الذي انعقد على اساسه مؤتمر مدريد ورسائل الضمانات الامريكية لكل الاطراف العربية باولوية حل القضية الفلسطينية.

المهم ان كل ما حدث بعد مدريد واوسلو هو تفاصيل بائسة صبت كلها في مجرى الاستفراد بالفلسطينيين للتوصل الى حل منفرد وهو حل ظل عنوانه الدائم هو التواصل الى تسوية بينما مضمونه العملي هو فرض التصفية،، وكل التطورات المتلاحقة والمتسارعة في المنطقة وفي الاطار الفلسطيني تركزت على تحقيق الهدف الاسرائيلي باستكمال الاجراءات المفضية للتصفية.

ولم تكن خافية اندفاعة ادارة الرئيس الامريكي السابق بوش الابن في تنفيذ ما تريد اسرائيل ، وبعد انتخاب الرئيس الامريكي الجديد اوباما لاحت آمال بان هنالك تعاطيا امريكيا رسميا جديدا مع القضية الفلسطينية ، لكن الخلاصة التي توصل لها اوباما وادارته كانت اسوأ ما يصيب القضية ، ولو انه في نفس السياق المتصل لتحقيق الهدف الاسرائيلي بتصفية القضية ، مما هو مطروح ، كما اشرنا سابقا مرارا هو التطبيع مع العرب مقابل وقف جزئي ومؤقت للاستيطان.

والتطبيع كما هو معروف هو نهاية المطاف وتصفية القضية بالضربة القاضية وانهاء اي دور عربي ، واطباق العزلة على الفلسطينيين واذا كانت اسرائيل وامريكا والغرب يعرفون ماذا يريدون وتحديدا نزع البعد العربي القومي لقضية الصراع مع اسرائيل فان المفروض ان يدرك العرب انهم يملكون خيارا قويا موازيا للتوصل الى السلام العادل والشامل في مواجهة النهج الرامي لفرض الاستسلام وتصفية القضية الفلسطينية.

وما نطالب به ان يعتمد العرب خيار السلام وليس خيار الحرب ولكن هذا السلام يتطلب ارادة باعادة قراء البوصلة بشكل دقيق والانطلاق في مسيرة السلام ، ويفترض ان يواجه العرب العالم بالغاء كل الاتفاقيات مع اسرائيل وكل المبادرات ولكل الالتزامات المجانية ، وفيما لو كان الالغاء فوق طاقتهم وهو يجب ان لا يكون كذلك فان بامكانهم تجميد كل الاتفاقيات والمبادرات والتزامات المجانية السابقة لتصحيح مسار الامور واعادة ترتيب الاولويات ، فالاولوية المطلقة هي لحل القضية الفلسطينية وبعدها تقاد كل الاتفاقيات. وتستكمل اتفاقيات وعلاقات تطبيع شاملة فيما بيننا وبين اسرائيل منذ عقود هو انكارها لحقوق الشعب الفلسطيني وعنصريتها ومعاداتها للسلام الذي هو مصلحة لاسرائيل وللعرب وللمنطقة وللعالم وهو خير للجميع لكن اسرائيل التي قامت على الشر لا تريد الا الشر وفرض الاستسلام على 350 مليون عربي ومليار ونصف مليار مسلم ، ذلك ما لن يكون.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات