فساد الحوار من فساد المفاوضات

تم نشره الإثنين 07 أيلول / سبتمبر 2009 03:43 صباحاً
فساد الحوار من فساد المفاوضات
طاهر العدوان

باستقبال القاهرة كلا من الرئيس محمود عباس وخالد مشعل تكون جهود الوساطة المصرية قد استؤنفت بهدف تحقيق المصالحة بين السلطة وحركة حماس, غير ان التوقعات لا تزال على حالها قبل ثلاثة اشهر عندما كانت هذه الجهود في ذروتها وهي ان احتمالات الفشل اكبر بكثير من احتمالات النجاح.

لقد اخذت المحادثات بين فتح وحماس برعاية مصرية وقتا كافيا لمعرفة الرياح التي تحركها, بل معرفة الموانئ التي ستصل اليها سفن الحوار, فما يجري بين (الاخوة) تحت الاحتلال لم يعد ملكا لارادتهم الوطنية ولا هو مرتهن بحسن النوايا او سوئها. ان من يفرقهم الان هو العامل الامريكي والاسرائيلي والعربي, ومن سيجمعهم اذا ما تحققت »النبوءة« سيكون العامل الخارجي لا غير.

قرار السلطة لم الشمل مع حماس مرتبط بما ستؤول اليه خطة اوباما المنتظر اعلانها من على منبر الامم المتحدة في نهاية الشهر الحالي, وببساطة, فانه اذا ما قدم اوباما مبادرة, تسمح للسلطة باستئناف المفاوضات مع اسرائيل, وبموافقة عربية, فان الحوار الفلسطيني - الفلسطيني سيواجه حائطا مسدودا وحصار غزة سيدخل نفقا بعد آخر من الآلام والجوع والموت.

اما اذا ما آلت مبادرة اوباما الى ان تكون نسخة تصلح ان يضع نتنياهو اسمه عليها, وما يضع عباس والزعماء العرب في حرج القبول بها, فان لعبة الحوار ستجري في اجواء مشمسة, وسيتبادل »الاخوة الاعداء« عبارات التمنيات.

واذا ما اردنا الاحتكام الى التجارب والوقائع في التبحر بعلوم »سياسة التفاوض الفلسطينية مع اسرائيل« فان ما سيقوله اوباما سيكون مقبولا في رام الله ومرفوضا في غزة, لان الكلمة السحرية بالنسبة للسلطة الفلسطينية هي »المفاوضات« فهذه اغلى الكلمات واعزها على نفوس رموز السلطة, الذين لا يجدون مبررا ولا شرعية لاستمرار سلطتهم من دون المفاوضات حتى ولو على لا شيء.

كلمة »مفاوضات« ستكون بمضامين مختلفة في ظل اتفاق فلسطيني - فلسطيني, في اطار برنامج وطني يضم فتح وحماس والفصائل الاخرى, وهي مضامين لن تقبل بها اسرائيل - نتنياهو, ولا تتحمس للتعامل معها امريكا - اوباما, وهكذا فان مفتاح المصالحة »الوطنية«, مع وضع قوسين حول كلمة وطنية, يتطلب اولا الوصول في حوار القاهرة الى اتفاق حول مضمون المفاوضات المنشودة مع اسرائيل, وهو, في رأيي, ما لن يتم, لان جميع المعطيات السياسية الراهنة, عربيا ودوليا واسرائىليا, تجعل, او قل تفرض, على المفاوض الفلسطيني دربا واحدا وهو التنازلات كمضمون للمفاوضات, هذا اذا اراد الاستمرار باللعبة من دون حساب للنتائج والعوائد.

وهذا استنتاج لا أقبَلُ أحداً ان يدعي بأني أتحامل فيه على مواقف السلطة, ومن يرد ان يفعل فليراجع تصريحات الرئيس الفلسطيني الاخيرة في القاهرة, يقول »لا جدوى من لقاء نتنياهو اذا ظل يعطي موافقته على توسيع النشاطات الاستيطانية في الضفة« وكأنه لم يكن يوافق قبل ايام على ان يلتقي أحد وزرائه أحد وزراء نتنياهو!

في كل يوم تخرج عن نتنياهو واعضاء حكومته تصريحات لا تحتمل اي غموض عن قرارات استيطانية جديدة, وحتى عندما اعلن قبوله بتجميد لثلاثة او ستة اشهر شفع ذلك بقرارات »تسرع« الاستيطان قبل »التجميد« ومع ذلك يصر الرئيس الفلسطيني على استخدام »اذا« الشرطية, وكأنه لم يسمع ولا يرى ماذا تقوم به حكومة اسرائيل من نشاطات استيطانية.

بمثل هذه الوقائع والقرائن, لا ادري اي حوار سيكون في القاهرة بين فتح وحماس ولا أتعدّى على المنطق الوطني والقومي ان قلت ان فساد مضمون »المفاوضات« هو المسؤول عن فساد الحوار.




مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات