الجامعات ... هموم " ذبحتونا " وتشاؤم المعاني

ازمة التعليم العالي مركبة ومعقدة وغياب الدعم الرسمي يهدد مستقبل القطاع
(8/9/2009)
رسم التقرير الثاني للحملة الوطنية من اجل حقوق الطلبة »ذبحتونا« صورة قاتمة لواقع الحريات الطلابية في الجامعات الاردنية. وسجل التقرير شهادات موثقة للتجاوزات الامنية على حرية الطلاب وسطوة عمادات شؤون الطلبة على الأطر الطلابية والتدخل في انتخابات مجالس الطلبة.
التقرير توصل الى استنتاج منطقي طالما حذرت منه اوساط سياسية وإعلامية وهو ان الجامعات في غياب الحياة الطلابية الصحية تحولت الى ساحات للعنف الطلابي واصبحت مقسمة الى حارات عشائرية وقبلية واقليمية تتصارع فيما بينها. ووصل الامر بالقائمين على حملة »ذبحتونا« الى وصف الجامعات بأنها »غيتوهات مغلقة واماكن معزولة« وهي بالفعل معزولة عن مجتمعها.
لا يعترف المسؤولون صراحة بتردي الواقع الطلابي, لكنهم بدأوا يتحسسون خطر العنف الطلابي. غير ان المعالجة للظاهرة المتفاقمة ظلت محصورة بالاجراءات الأمنية وتشديد العقوبات التي ساوت بين الناشطين الطلابيين ومثيري الشغب.
على المستوى الرسمي ينصب الاهتمام بشكل اكبر على مشكلة تدني نوعية التعليم وتراجع مستوى الخريجين الاكاديمي الى جانب الازمة المالية التي تعاني منها الجامعات الرسمية. وتترقب الاوساط الاكاديمية في الايام والاسابيع المقبلة تغييرات واسعة في الأطر القيادية للجامعات بعد إقرار قوانين جديدة للتعليم العالي والجامعات يأمل القائمون على التعليم العالي ان تساهم في تحسين اساليب ادارة الجامعات وتطوير الاداء الكلي للقطاع.
مشاكل التعليم العالي في الاردن لا يمكن تجزئتها وينبغي النظر اليها كحزمة واحدة, وبهذا المعنى فان تقرير »ذبحتونا« الذي يركز على الهم الطلابي والحريات في الجامعات لا يمكن النظر اليه بمعزل عن قضايا جودة التعليم ومستوى الخريجين واساتذة الجامعات وصولا الى الازمة المالية.
فلا ابداع بدون حرية ولا تعليم جامعيا بدون الدعم الرسمي. في مقابلة مع الزميلة الغد نُشرت امس بدا وزير التعليم العالي الدكتور وليد المعاني متشائما إزاء فرص زيادة الدعم الحكومي للجامعات وقال بالنفي »لا بد وان يأتي وقت على من يُدير هذه الجامعة, الرئيس ونوابه ان يبحثوا عن مصدر - ويقصد ماليا - من خارج أسوار الجامعة«. واعتبر البرنامج الموازي »مصدر دخل رائعا للجامعة« اضافة الى الرسوم الجامعية, لكن رغم ذلك فان العجز في موازنات الجامعات الرسمية دفع بها الى الاستدانة التي وصلت قيمتها حسب تصريحات الوزير 85 مليون دينار بعد سداد الحكومة جزءا منها وكان ذلك على حساب حصة الجامعات من الدعم.
نحن اذا امام ازمة مركبة وعميقة تُطال كل جوانب القطاع, وتستفحل الازمة اكثر اذا ما أصرت الدولة على إلغاء سياسة الدعم للجامعات, لاننا بهذه السياسة المدمرة نذبح الجامعات فعلا ونفقد ميزتنا التنافسية على مستوى المنطقة ونحرم أجيالا من الشباب من فرص التعليم الجامعي.