11 سبتمبر و14 سبتمبر

لا بد أن نكتب عن 11 - 9، فذاك يوم اهتز له العالم، ومقابل البرجين اللذين دمرا دُمر بلدان يضمان ملايين البشر.
تحولت أفغانستان والعراق إلى ركام وموت لا يتوقف. غادر بوش البيت الأبيض ولم تضع الحرب أوزارها وما يزال أسامة بن لادن على رأس عمله. وتحولت الحرب على الإرهاب إلى "بزنس" تتنافس فيه الشركات كما الدول.
ليس تقليلا من شأن الضحايا الأبرياء الذين سقطوا، ولكن لماذا
لا يهتم العالم بـ 14 سبتمبر ذكرى صبرا وشاتيلا، تلك المجزرة
الأكثر دموية وبشاعة من "غزوة نيويورك وواشنطن". لا نقول لماذا
لا يتعاطف معنا ولكن لماذا يتعاطف مع المجرمين؟
لم تقيد الجريمة ضد مجهول. المجزرة ارتكبها عملاء إسرائيل من
القوات اللبنانية بحراسة الجيش الإسرائيلي وهما سواء. شارون
وإيلي حبيقة وسمير جعجع وغيرهم .. سواء. في تلك المجزرة باسم
الدين ارتكبت المليشيا المسيحية جريمة لا تقل بشاعة عما ارتكب في
أميركا بعد عشرين عاما.
شارون أعيد له الاعتبار وسيتسابق العالم على تقديم العزاء في موته المنتظر. ولن تخلو جنازته من عرب "معتدلين" وفلسطينيين
يريدون إحراج معسكر التشدد الإسرائيلي، أما إيلي حبيقة فعاد
وزيرا بعد انتهاء الحرب وعقب اغتياله أقيمت له جنازة رسمية
وشعبية! وسمير جعجع من ثوار الأرز الذين يحتفي العالم بنضالهم في سبيل الحرية، وكأن ميلشيا القوات التي ارتكبت المجزرة كانوا
متطوعين في الصليب الأحمر وفرق الإغاثة التي وصلت المخيم.
في الفيلم الوثائقي "القناع" يتحدث منفذو المجزرة عن
جريمتهم تفصيلا. وتفهم كيف حولتهم الحرب الأهلية إلى وحوش هائمة ، لكنك تتساءل كيف لا يعاقب هؤلاء؟ ولماذا لا يدانون؟ لماذا
يكافأون؟ صدام أعدم في جريمة ارتكبت في وقت قريب من صبرا
وشاتيلا، التحقيق في جريمة قتل الحريري لم يتوقف إلى اليوم ، في
لوكيربي دفعت تعويضات بالملاين في شبهة لم تثبت.
الظلم هو رحم الإرهاب، وستظل الرحم ولودا. لو أن العالم
أنصف ضحايا صبرا وشاتيلا لما كانت 11 سبتمبر، ليس الإنصاف
بمعاقبة المجرمين في محاكمة دولية عادلة وإنما بإنهاء المخيم،
فهو شاهد بغيض على ظلم مقيم. لا يزال المخيم إلى اليوم بائسا،
ولا تقل المقبرة عنه بؤسا. حاولوا أنهاءهم بمجزرة لكنهم باقون،
ينتهي المخيم عندما يعودون.
yaser.hilala@alghad.jo