عام على الازمة

تم نشره الثلاثاء 15 أيلول / سبتمبر 2009 02:12 صباحاً
عام على الازمة
سلامه الدرعاوي

اليوم وبعد مرو عام على الازمة المالية العالمية نجد ان الاقتصاد الاردني دخل في نفق مظلم لا يدري احد الى اين تسير الامور, فجميع المؤشرات الاقتصادية من مديونية وعجز مالي وبطالة وفقر وتراجع في الايرادات في أسوأ اشكالها, بعضها له ارتباط بالازمة وآخر هو يعاني منه الاقتصاد منذ عقود.

تعامل الحكومة مع الازمة وتداعياتها كان قصير النظر, وغير مدرك لطبيعة ما يجري في الاقتصاد العالمي, تحدثوا عن بركاتها على الاردنيين من منظور ان اسعار النفط هوت لاكثر من 40 بالمئة ووصل سعر البرميل الى 33 دولارا, لكن الامور تطورت بعد ذلك بشكل سريع وبدأت تتأكد مقولة انه لا يوجد احد يعيش في جزيرة معزولة في هذا العالم, وان تداعيات الازمة ستطال الجميع.

الاردن الذي أرهقته فاتورة النفط طيلة السنوات الماضية ونتيجة الازمة المالية والتباطؤ في الاقتصاد العالمي لجأ هذا العام للاقتراض الداخلي والخارجي بمقدار المليار دولار تقريبا لسداد عجز الموازنة المزمن الذي سيتجاوز 1.1 مليار دينار بسبب الهبوط في الايرادات المحلية, مما فاقم من خطر المديونية وعودة كابوسها للأفق من جديد.

بسبب الركود العالمي هبطت الصادرات الوطنية بشكل تدريجي في الشهور الثلاث الماضية ولاول مرة منذ عام 1998 وبنسب وصلت الى 6.5 بالمئة, مما سيؤثر على قدرة الاقتصاد في بناء احتياطات صعبة من العملة الاجنبية من جهة والحد من تنامي عجز الميزان التجاري من جهة اخرى خاصة مع عودة الاسعار الى الارتفاع من جديد.

الركود الذي تعيشه قطاعات اقتصادية حيوية سيؤثر على الخزينة سلبا في العام المقبل من حيث تحصيلات الضريبة لانها ستكون نتيجة طبيعية لهبوط الارباح وتراجع الطلب, مما سيفرض على معدي موازنة ,2010 تحفظا كبيرا على الايرادات التقديرية لتلك السنة, ولهذا الامر آثار سلبية على مشاريع التنمية.

تداعيات الازمة امتدت الى العملية الاستثمارية والتي تراجعت تدفقاتها للمملكة بنسبة تجاوزت ال¯ 65 بالمئة, ناهيك عن الهبوط الحاد الحاصل في اسواق رأس المال العربية والخسائر التي منيت بها الشركات كلها ستكون لها آثار سلبية على عمليات التوظيف ومواجهة مشكلتي الفقر والبطالة, ناهيك عن ان كثيرا من المشاريع الكبرى جرى توقيفها او تأجيلها بسبب شُح السيولة وتشدد البنوك في توفير التسهيلات.

طبعا الكابوس القادم الذي سيلوح في افق الاقتصاد الاردني هو كابوس الاسعار, حيث تدلل العديد من المؤشرات على تنامي موجة ارتفاع اسعار السلع الرئيسية في الاسواق العالمية خاصة فيما يتعلق بالنفط, مما سيضاعف التحديات التي امام تنافسية الاقتصاد الاردني الذي تراجع نقطتين في التقرير الاخير للتنافسية العالمي.

الاقتصاد اليوم لا يقوى على مواجهة تداعيات الازمة المالية العالمية ولا حتى ضبط مؤشرات الموازنة لديه الا بوساطة المساعدات الخارجية, فللأسف لم يبق للاردنيين شيء يعوضهم عن تراجع التحصيلات الضريبية او المنح, فالاردن اليوم لا يملك أية ادوات استثمارية داخلية او خارجية كما هو الحال بالنسبة لباقي دول العالم, كل اعتماده الاقتصادي مرتكز على الضريبة والمساعدات, فلا استثمار لديه وقد تنازل عن حقوقه الاقتصادية لمستثمرين محليين واجانب في اطار برنامج التخاصية الذي حرم الحكومة من المساهمة في الشركات والمشاريع الناجحة التي كان بالامكان ان تُدر على الخزينة دخلا يعوضها عن اية محنة طارئة.

يعتقد البعض ان خطورة النهج الاقتصادي الذي قاده عدد من اقطاب ما عرف بالليبراليين الجدد في السنوات الماضية بالنسبة للاردن تتعلق بارتباطهم بعمليات ومشاريع اعتبرها الشارع العام شكلا من اشكال الفساد العصري بوسائل حديثة تسير وفق قوانين ومؤسسات تخدم هذا الاتجاه, لكن الواقع يدلل بوضوح ان اهدافهم كانت اكبر من قضايا الفساد.

الحقيقة انهم ارادوا دولة عارية من أية مقومات اقتصادية قوية, وسرقوا الدولة ومواردها لصالحهم, ففي الوقت الذي حرموا الحكومة من ان يكون لها استثمار اقتصادي بحجة ان اقتصاديات السوق تتطلب انسحابا للدولة من ادارة الاقتصاد والاكتفاء بالاشراف, مارسوا هم اقصى درجات النهب لموارد الدولة, وعملوا بالتجارة والبزنس حتى وهم يمارسون العمل العام.0



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات