هل تنجح الحكومة في استعادة دورها الاقتصادي؟

تم نشره الأربعاء 16 أيلول / سبتمبر 2009 02:58 صباحاً
هل تنجح الحكومة في استعادة دورها الاقتصادي؟
فهد الخيطان

التخلي عن نظرية السوق كعقيدة وتنويع الخيارات وتعديل التشريعات

16/9/2009



أحيت الازمة المالية العالمية دور الدول من جديد في ادارة الشأن الاقتصادي, بعد ان تنازلت عنه من قبل للقطاع الخاص واصحاب المال. وبدا العالم مذهولا وهو يتابع هذا التحول في اكبر امبراطورية للرأسمالية »امريكا« التي تُعد مهد عقيدة السوق.

في بلد صغير مثل الاردن لا يملك قاعدة اقتصادية رأسمالية كان خروج الدولة من دورة الاقتصاد بمثابة كارثة على المجتمع, تبدت مظاهرها في اتساع رقعة الفقر وتهاوي مكانة الطبقة الوسطى وتمركز الثروة في يد الاقلية وانهيار قطاع الزراعة وارتفاع معدلات البطالة.

والدولة التي تخلت عن دورها الاقتصادي والاجتماعي تحولت مع مرور الوقت الى جمعية خيرية همها تقديم المعونة والمساعدة لضحايا سياسات اقتصادية مفرطة في ليبراليتها الى الحد الذي باتت معه تهدد مقومات وجود الدولة.

لم ننتبه بعد الازمة العالمية ان الفرصة اصبحت سانحة للتراجع عن سياسة السوق المتهورة رغم نداءات ونصائح الخبراء الاقتصاديين المتكررة بهذا الشأن.

لا ننكر هنا ان الحكومات في السنوات الاخيرة اتخذت خطوات اعتراضية محدودة لضبط انفلات الاسعار في الاسواق, تمثلت في توسيع خدمات المؤسستين العسكرية والمدنية, وانشاء اسواق موازية, وهي الفكرة التي بادرت اليها حكومة معروف البخيت.

لكن حجم المشكلة كان اكبر من قدرة هذه الحلول على احتوائه.

ووسط حالة من التذمر الشعبي من ارتفاع الاسعار وبعد تدخل مباشر من الملك اعدت حكومة الذهبي مؤخرا خطة متطورة لضبط الاسواق تتضمن اجراءات اوسع من السابق تؤشر على تحول ملموس باتجاه اعطاء الدولة «القطاع العام« دورا اكبر في السوق, لعل ابرزها انشاء شركة حكومية لاستيراد المواد الغذائية بالتعاون مع القوات المسلحة, لكن الاهم من ذلك ما اشار اليه وزير الصناعة والتجارة عامر الحديدي من توجه حكومي لتعديل بعض التشريعات والقوانين لقوننة ومأسسة التدخل الحكومي في العملية الاقتصادية وحركة السوق.

اعتقد انه من دون تعديل التشريعات فان اجراءات الحكومة ستفشل في النهاية. لقد تخلت الدولة في السابق عن دورها الاقتصادي والاجتماعي عبر حزمة من القوانين والتشريعات, ولن تستطيع العودة الى ممارسة هذا الدور الا من نفس البوابة. صحيح ان لدينا تشريعات تمنع الاحتكار وتحمي حقوق المنافسة, وقانون يعطي للحكومة حق تحديد اسعار بعض السلع, لكن هذه القوانين لم تفعّل يوما بسبب ضعف الحكومات امام سطوة ونفوذ القطاع الخاص الذي يملك من ادوات التأثير ما يفوق قدرة اي سلطة رسمية.

في حوار الملك عبدالله الثاني مع رؤساء تحرير الصحف اليومية على مائدة افطار نقابة الصحافيين اكد جلالته انه لن يتم رفع اسعار المياه والكهرباء كما كان معلنا من قبل. لو صدر مثل هذا الاعلان من طرف رئيس الوزراء لتجاهلته شركة الكهرباء او ادارة قطاع المياه. بيد ان مكانة الملك وسلطته الدستورية لا تسمح لأي جهة بتجاوز تعليماته.

لكن الملك لا يستطيع في كل الاحوال ان يتدخل في عمل الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص. ولا بد من مراجعة للتشريعات والانظمة الاقتصادية على نحو يسمح للدولة بلعب دور مباشر في العملية الاقتصادية يمكنها من التحكم والموازنة بين مصالح مختلف الاطراف وحماية حق المواطنين في الحصول على الخدمات والسلع بأسعار عادلة.

لتحقيق ذلك لا بد لنا اولا وعلى المستوى الكُلي للدولة ان نتخلى عن نظرية السوق كعقيدة والعودة الى سياسات تنويع الخيارات الاقتصادية.0






 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات