تعذيب المواطن في القطاع الخاص

تم نشره الخميس 24 أيلول / سبتمبر 2009 01:32 مساءً
تعذيب المواطن في القطاع الخاص
المحامي: محمد الصبيحي

نبدأ من البنوك حيث يبدو أنه وفي ظل التنافس على تحقيق أرباح أعلى بكلفة أقل فان التضحية بأعداد من الموظفين كان أول الإجراءات، وزيارة واحدة الى فرع أي من البنوك الكبرى تكفي لبيان حجم التعذيب الذي يمارس بحق المواطن حين يضطر للانتظار ساعة إلى أن يأتي دوره في صرف شيك أو أيداع مبلغ في حسابه.

لم أصدق ما سمعت من شكاوى الى أن ذهبت بنفسي الى فرع بنك مشهور وتناولت ورقة الدور من الجهاز المثبت عند المدخل فكان الرقم 67، والميكروفون ينادي على الرقم 41، ومن بين سبع نوافذ خدمة زبائن كان واحدا يعمل بانتظام والثاني بصورة متقطعة وبقية النوافذ مكتوب عليها (مغلق) باللغة الإنجليزية ولا يوجد موظفون خلفها، وعندما وصلني الدور كان قد مر 55 دقيقة لأحصل على خدمة استغرقت ثلاث دقائق.

البنوك ترسم صورة وردية مغرية من خلال الاعلانات والجوائز فيبدأ الاطفال في الضغط على الاباء لفتح حسابات توفير أو غيرها طمعا في الجوائز ويبدأ كثيرون في عض شفاههم وهم يشاهدون صورة الرابح الاكبر الذي فتحت في وجهه أبواب الثروة فجأة، غير أن السؤال هل كل شروط ومتطلبات التنافس على الجوائز معلنة بالفعل أم هناك آليات سرية في طريقة أجراء السحب تصل الى درجة خداع المواطن بأوهام غير حقيقية في جوانب معينة أعرفها بالتفصيل وليس مجال شرحها هنا.

وفي بعض شركات الاتصالات تتكرر الصورة من حيث صعوبة الحصول على الخدمة فللمرة الرابعة أزور أحد مراكز الخدمة لشركة اتصالات لتعديل الاشتراك الهاتفي لمكتبي وفي كل مرة أعود خائبا بسبب الطابور المنتظر والازدحام الخانق، وقلة الموظفين، ومع ذلك نسمع عن قرارات وشيكة بانهاء خدمات مئات الموظفين قريبا.

تأتيك الفواتير لا تعرف كيف ولماذا وحين تطلب المسؤول للتحدث اليه فانك تدخل في متاهة لا أول لها ولا آخر، وعليك دائما أن تدفع ثم تعترض فيما بعد اذا كان هناك من سيسمع اعتراضك بعد الدفع، واذا تفحصت إعلانات المحاكم في الصحف اليومية ستكتشف حجم القضايا المرفوعة من شركات الاتصالات ضد المواطنين. أما الرسائل الهاتفية التي (تزن وترن) حتى في ساعات متأخرة من الليل فحدث ولا حرج ابتداء من البحث عن صديقة أو عروس وانتهاء بعشرات المسابقات والجوائز التي لا يعرف أحد كيف يتم توزيعها ان كان هناك توزيع حقا.

ونأتي الى المخابز الكبرى حيث استقر سعر كيلو الخبز على ربع دينار وليس ستة عشر قرشا كما هو قرار وزارة الصناعة والتجارة، أما كيف فالجواب كما يلي : السعر الرسمي للخبز القطع الكبير (الطحين الموحد) ستة عشر قرشا للكيلو، والسعر للحجم الصغير (المحسن) ربع دينار للكيلو على أن تلتزم المخابز بتوفير النوعين أمام المشتري طوال اليوم، لكن ما يحدث فعلا أن المخابز تضع النوع الاول في مكان خلف (الكاونتر) بعيدا عن أيدي المشترين أو تعرض كمية قليلة في مكان غير ظاهر تحسبا فيما اذا حضر مراقب التموين، وتضع النوع الثاني معبأ في أكياس وزن كيلو أو اثنين أمام المشتري مباشرة، وهكذا يأتي المشترون ويذهبون ظانين أن هذا النوع هو الوحيد المتوفر ولا خيار غيره، ولا يمكن للمواطن أن يتجول بين المخابز باحثا عن فرق سعر عشرة قروش فكلفة البحث غير المضمون النتائج أعلى بكثير.

وأخيرا عنجهية عدد غير قليل من سائقي التاكسيات واختيارهم خط السير الذي يوافق أهواءهم، فكم من مواطن اشتكى عبر المحطات الاذاعية من مزاجية هؤلاء حين تشير اليه فيقف فاذا أعجبه الاتجاه الذي تقصده أقلك واذا لم يعجبه كشر في وجهك ورفض وربما تحرك بالسيارة قبل أن تغلق الباب، أما توقيف العداد حسب نوع الزبون فأمر يتكرر باستمرار وبالطبع فنادرا ما تجد سائق تكسي يحمل (فكة) وقلما تجد منهم من يأخذ حقه دون زيادة بالاكراه أو الزعم الكاذب بعدم وجود (فكة)!!.

لمن يشتكي المواطن في كل ما سبق؟ لقد يئس الناس من كثرة الشكوى ولا من مجيب، وآن الأوان أن نستسلم لمقولة أن هناك غيابا للسلطة الرقابية على القطاع الخاص شيئا فشيئا أو هي فقدتها بالفعل.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات