الظلاميون اليهود

يتكرس في وعي الرأي العام العالمي ان التعصب الديني و»الظلامية« و»الاصولية« وغير ذلك من النعوت ترتبط بالاسلام او بالمنظمات السياسية الاسلامية مثل القاعدة وطالبان وغيرهما. بينما يتم تجاهل اصولية وظلامية اشد خطراً والمتمثلة باحزاب وتيارات ومنظمات يهودية صهيونية تريد ان تفرض على الفلسطينيين والعرب والعالم احكاماً وخرافات ووقائع خيالية تنتمي الى ازمان غابرة من تاريخ قبائل الرعاة الرحل من العبريين قبل آلاف السنين.
يوم الاحد الماضي, وبحراسة من جنود الاحتلال الاسرائيلي, حاولت مجموعات صهيونية الاعتداء على احد أهم رموز الديانة الاسلامية وهو المسجد الاقصى في القدس المحتلة, وذلك احياء لتعاليم عفا عليها الزمن حول جبل الهيكل. وغداً تستعد مجموعات مماثلة لاقتحام المسجد بمناسبة ما يسمى ب¯ (حلول عيد العرش) في الديانة اليهودية, ومع ذلك فان مثل هذه الاحداث الظلامية, لا يقابلها ردود فعل مستنكرة او رافضة من العواصم الاوروبية والامريكية, التي تتحدث عن ضرورة الفصل بين (الدين والدولة) كلما تعلق الامر بالاسلام, لكنها لا ترى ضرراً في ذلك امام مشهد (دولة) اسرائيل التي تعمل على مصادرة وطن شعب آخر باعادة عملية التاريخ الى الوراء آلاف السنين!.
لقد بلغ النفاق الاوروبي والامريكي ذروته الاسبوع الماضي عندما تكاتف الغربيون في انتخابات اليونسكو مع الحركة الصهيونية والنفوذ الاوروبي لاسقاط وزير الثقافة المصري فاروق حسني في انتخابات هذه المنظمة الاممية المعنية بالحفاظ على التراث العالمي. وذلك لصالح المرشحة البلغارية المؤيدة من قبل الاوساط اليهودية والصهيونية.
لو كان هناك ذرة من النزاهة والاخلاق عند الدول الاوروبية وامريكا لجعلت من انتخابات اليونسكو مناسبة للاعراب عن احتجاجهم على اعمال اسرائيل الواسعة النطاق في تدمير المعالم الاثرية والدينية في اهم المدن على الاطلاق في التاريخ البشري وهي القدس الشريف. انهم لم يفعلوا ذلك, وقاموا على العكس بمساندة مرشحة الجانب الذي يدمر القدس ويسعى لتغيير هويتها ويرتكب من العقوبات والاعتداءات ما يندى له جبين الذين يشدون على يد اسرائيل ويساندونها في ظلاميتها وهرطقتها.
ان ما تسعى اليه اسرائيل وتحاول تغييره في هوية القدس والمقدسات هو غلطتها القاتلة, واذا كان زعماؤها المهووسون بالقوة والخرافة يعتقدون بانهم قادرون على فرض امر واقع في القدس يزور التاريخ والجغرافيا والثقافة والهوية والدين, فانهم بالتأكيد لا يختلفون عن المرضى من المدمنين على الحشيش والكوكايين الذين يتصورون كأس الماء بانه بحيرة. ذلك ان القدس خط احمر, ليس فقط في عالم السياسة والدين والاخلاق والكرامة والانتماء ولكن في عقل ووعي كل انسان عربي او مسلم او مسيحي من سكان الشرق الاوسط وشمالي افريقيا.
لا زالت الشعوب العربية تعتبر التاريخ هو معلمها وموجه مسيرتها نحو المستقبل, واذا كانت الحكومات سادرة في نعيم وفوائد العلاقات مع الغرب وامريكا فان ذلك مؤقت وعابر ولا يغير من الواقع الحالي بان حجم الكراهية والعداء لاسرائيل يزداد كلما انتشرت صورة لجندي او مستوطن صهيوني يقتحم الاقصى, او يمنع صلاة فيه, او يقتل ويعتقل فلسطينياً في غزة والضفة وايضاً في الجليل والمثلث وحيفا ويافا.
انهم يبنون المنازل ويتوسعون في الاستيطان, وبموازاة ذلك ترتفع كل يوم حواجز وجدران من الكراهية والحقد على اسرائيل وكل من يناصرها, لقد ولّى عصر الاحتلال واللصوصية واغتصاب الاوطان واستعباد الشعوب, وهذه الكهنوتية السياسية الظلامية لليهودية الصهيونية لا تولد غير الحروب, وهي طاردة للسلام والامن وباعثة لكل مشاعر التحدي عند الشعوب العربية والاسلامية, فالظلاميون الصهيونيون اليهود هم الخطر الماثل في عالم اليوم, وما فعلته طالبان ضد تماثيل بوذا في باميان, تفعله اسرائيل كل لحظة تحت اقدس مقدسات الاسلام, ولن يغطي هذه الجرائم او يمررها ويمنحها الشرعية هذا النفاق المعيب من قبل الغرب وامريكا.0