تأجيل مناقشة تقرير جلادستون

هناك حملة صحفية شعواء على السلطة الفلسطينية لأن ممثلها في الأمم المتحدة وافق أو لم يعترض على قرار تأجيل مناقشة تقرير جلادستون حول جرائم الحرب في غزة.
تقـوم هذه الحملة على أساس أن التقرير من شأنه إدانة إسرائيل بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين ، وينسى أصحابها أن التقرير اتهم الفلسطينيين أيضا بارتكاب جرائم حرب بسبب إطلاق الصواريخ على المدنيين ، الأمر الذي دعا حماس للاعتراض على التقرير لأنه يساوي بين الجلاد والضحية.
قبول المندوب الفلسطيني أو عدم قبوله بالتأجيل لا يغير شـيئا ، فالقرار دولي ، ولكن اعتراض مندوب فلسطين كان من شأنه إغضاب أميركا التي ضغطت باتجاه التأجيل ، والمعروف أن آخر ما يريده الفلسطينيون هو إحراج أو إغضاب أميركا ، التي تتعلق بها الآمال للوصول إلى حل عادل أو شـبه عادل بموجب مبادرة الرئيس باراك أوباما الذي يملك معظم الأوراق المؤثرة.
وإذا كان من شـأن بحث التقرير إدانة إسرائيل وحدهـا ، فلا فرق بين أن تتم الإدانة بعد عشرة أشهر من الحرب (الآن) أو بعد خمسة عشر شهرا (آذار). وفي هـذا المجال نعرف سـلفا أن إدانة إسـرائيل لن تغير من سلوكها ، وأن تحويلها إلى محكمة الجنايات الدولية غير وارد ، ليس فقط لأن إسـرائيل لم توقع على معاهدة إنشاء المحكمة ، بل أيضا لأن ذلك يتطلب قرارا من مجلس الأمن الذي لا يمكن أن يتخذ ضد رغبة أميركا وحق الفيتو الذي لا نريدها أن تسـتعمله في عهدها الجديد.
حتى قبل العدوان الهمجي على غزة كانت إسـرائيل وما زالت تعتبر دولة مارقة وخارجة على القانون الدولي في نظر العالم المتحضر ، ولكن ذلك لم يساعد في تحصيل الحق الفلسـطيني ، الذي لا تقف في وجهـه صورة إسـرائيل العالمية فقط ، بل الانقسام الفلسطيني ، وتصيد كل طـرف لأخطاء الطرف الآخر ، بما يغري الشـعب الفلسطيني بالانفضاض من حول الطرفين.
مطلوب استعادة وحـدة الشعب الفلسطيني وعدم إعطاء أميركا عذرا للتخلي عن تعهداتها والتراجع عن الانخراط في العملية السلمية.