الموازنة العامة- حراك جديد

أن تعلن وزارة المالية عن الأرقام الأولية لتنفيـذ الموازنة بعد 13 يوما من انتهاء كل شـهر يعتبر انجازا غير مسبوق لحساب الشـفافية ، ويمـكن من يهمهم الأمر من الإطلاع على تطورات الوضع المالي في وقت مبكر.
وأن تتمكن وزارة المالية من تحسين سـلوكها في تحصيل الإيرادات وضغط النفقـات بالمقارنة مع ما كان عليه الحال في نفس الشـهر من السـنة السابقة يعتبر نجاحا في مجال التجاوب مع الظروف المالية الراهنة. وعدم إبقاء الأيدي مكتوفـة لتأخذ الأمور مجراها بدون تدخل. مقارنة أرقام شـهر أيلول الماضي مع أرقام نفس الشـهر من السنة الماضية تدل على أن الإيرادات المحليـة ارتفعت بنسبة 2ر2% برغم ما يقال من أجواء الأزمة العالميـة ، وأن النفقـات العامة انخفضت بنسبة 5ر6% معظمها في ما يسمى نفقات رأسمالية ، وبالتالي فإن العجـز المحقق خلال الشـهر انخفض بنسبة 9ر16%. خطوات بالاتجاه الصحيح.
إذا استمر التشـدد المالي الذي شـهدناه خلال الشـهرين الأخيرين ، فإن العجز الكلي هـذه السنة قد يكون أفضل من التوقعـات ، وإن ظل أسـوأ مما هو مقرر في الموازنة.
أما بالنسـبة لأداء الموازنة خلال الشهور التسعة الأولى من السنة ، فلا بد أن يؤخـذ بالاعتبار أن السنة الماضية شـهدت إيرادا رأسـماليا غير متكـرر يبلغ 5ر354 مليـون دينار يمثـل ثمن أرض الميناء القديـم المباعة لشركة عقارية عربيـة.
استبعاد هذا الإيـراد غير المتكرر يحـول النقص في الإيرادات المحلية البالغ 6ر8% إلى زيادة بنسبة 2% عن نفس الفترة من العام الماضي ، كما يغيـر صورة العجز بحيث لا يزيـد عن نفس الفتـرة من العام السابق سـوى بمبلغ 3ر526 مليون دينار وهو مبلغ كبير على كل حال ، ولكن 3ر390 مليون دينار منه يعود لعـدم ورود المنح الخارجية المنتظـرة ، وبذلك يكون العجـز الناشئ عن ظروف محليـة في حدود 136 مليون دينار فقـط أي أقل من 1% من الناتج المحلي الإجمالي.
المأزق المالي الذي برز بحجـم عجز مالي كبير محقـق الآن ومنتظر أن يتجاوز مليـار دينار في نهاية السنة ، سـمح لوزارة المالية بالتحرك لمعالجة الوضع ، وتغيير السـلوك ، والتمرد على الضغوط من أجـل إنفاق مال غير موجود. وهي فرصة يوظفهـا وزير المالية لصالح الموازنـة.