سياسيون وفكر لا موظفون واعلام!!

مع أن الاذاعة عمرها اكثر من ستين عاما، وأن التلفزيون اكثر من اربعين، فإننا ؟ كما يقول رئيس الوزراء ؟ بحاجة الى خارطة طريق لنعيد للاذاعة والتلفزيون علاقتها بالمستمع والمشاهد الاردني!!.
هذه الحالة ونحن نتابع عن كثب تدهور الاعلام الرسمي، ليست وليدة عام أو عامين أو أكثر، وانما هي حالة اخذت وقتا، وانحدرت من ادارة عبدالمنعم الرفاعي ووصفي التل وعبدالحميد شرف وصلاح ابو زيد وامين ابو الشعر ومحمد كمال.. لهذه الاجهزة السياسية الفكرية الى ما وصلنا اليه من تخبط وفوضى!!.
في الاساس اقيمت الاذاعة على قاعدة فكرية ؟ سياسية كان المسؤول يعرف أي اردن يريد، ليعرف ماذا وكيف ومتى يخاطب المواطن الاردني وبأي لغة!!.
كنا في الاذاعة عام 1959 أقل من مائة وعشرين مقاتلا حتى لا نقول موظفا.. بما فيها اذاعة رام الله وارسالها والاذاعة الكبرى في أم الحيران ومرسلاتها. وكان ذلك كافيا لخلق حالة التحدي، الفكري والنفسي والوطني للاخطار التي تداهم الاردن والمنطقة. كما نعرف ما الذي نريده من الحديث السياسي، والاغنية، والدراما والبرنامج الديني والزراعي منذ الصباح الباكر الى الساعة الثانية عشرة ليلا، وحين اكتفينا بعد عام 1967 بالتلفزيون في عمان وكان هناك استديوهات ومحطة بث تبنى في القدس سارعنا الى وضع خطة برامج مستوردة من افضل ما شهدته شاشات المنطقة، وبدأنا ننتج برامج محلية/ عربية، وكنا نكتفي من هذا الجهاز الحساس بان الناس يشاهدوننا في الجوار العربي مشاهدة مكثفة وهذا له معنى.
الان مطلوب من الدولة الخروج من حالة التخبط والفوضى في الجهاز الرسمي الاعلامي، لقد جربنا التغيير والتبديل في اشخاص الاداريين، فانتهينا الى تغيير وتبديل الموظفين، والمتنطعين وكلما زاد التدهور تزايدت وتيرة استبدال وتغيير المدراء، دون أن تتوقف عند الطرح الاساسي أي اردن نريد؟ أي اردني نريد؟ وباي لغة نخاطبه؟.
المطلوب الان الخروج من لعبة الموظفين الى رحاب الفكر السياسي، فهذه مناصب مستوى مثل مستوى الرفاعي والتل وابو زيد، وابو الشعر، والشريف عبدالحميد، ومحمد كمال، ومثلما كنا اقل من ثلاثين في دائرة البرامج والاخبار، ونفتح مع ذلك ابواب الاذاعة كل خميس لاستقبال من يرى في نفسه عزم الانضمام الى اذاعة الدولة، فان المطلوب فتح ابواب الاذاعة والتلفزيون لا للمحاسيب، ولا للمدججين بالمناسف وباصحاب المعالي والدولة والعطوفة وانما لشجاع مثل عمر الخطيب يدخل بعد اسبوع استوديو الاخبار ويقرأ النشرة الرئيسية، أو لصوت كصوت حيدر محمود!! ويفتش العقل المبادر عن شخصية كاسحاق المشيني صانع مضافة ابو محمود والحج مازن وحمدان غالب الحديدي، وعازف ربابة اسمه عبده موسى.
نشعر بالوجع حين نأتي بخارطة طريق حين نتعامل مع مؤسسات عمرها اكثر من ستة عقود!!.